وَالْهُزَالِ، وَأَشْبَاهِهَا مِمَّا يَتَبَايَنُ بِهَا الثَّمَنُ وَتَخْتَلِفُ الرَّغَبَاتُ بِهَا، وَيَعْرِفُهَا النَّاسُ، فَهَذَا أُولَى. وَيَلْزَمُ قَبُولُ اللَّحْمِ بِعِظَامِهِ؛ لِأَنَّهُ هَكَذَا يُقْطَعُ، فَهُوَ كَالنَّوَى فِي التَّمْرِ، وَإِنْ كَانَ السَّلَمُ فِي لَحْمِ طَيْرٍ، لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِ الذُّكُورِيَّةِ وَالْأُنُوثِيَّةِ، إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ بِذَلِكَ، كَلَحْمِ الدَّجَاجِ، وَلَا إلَى ذِكْرِ مَوْضِعِ اللَّحْمِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا يَأْخُذُ مِنْهُ بَعْضَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الرَّأْسِ وَالسَّاقَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا لَحْمَ عَلَيْهَا.
وَفِي السَّمَكِ يَذْكُرُ النَّوْعَ؛ بَرَدِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ، وَالْكِبَرَ وَالصِّغَرَ، وَالسِّمَنَ وَالْهُزَالَ، وَالطَّرِيَّ وَالْمِلْحَ، وَلَا يَقْبَلُ الرَّأْسَ وَالذَّنَبَ، وَلَهُ مَا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا يَأْخُذُ بَعْضَهُ، ذَكَرَ مَوْضِعَ اللَّحْمِ مِنْهُ.
[فَصْلٌ ضَبْطُ السَّمْن فِي السَّلَم]
(٣٢٠٨) فَصْلٌ: وَيَضْبِطُ السَّمْنَ بِالنَّوْعِ مِنْ ضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ أَوْ بَقَرٍ، وَاللَّوْنِ، أَبْيَضَ أَوْ أَصْفَرَ. قَالَ الْقَاضِي: وَيَذْكُرُ الْمَرْعِيَّ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ حَدِيثٍ أَوْ عَتِيقٍ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَهُ يَقْتَضِي الْحَدِيثَ، وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي عَتِيقِهِ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ، وَلَا يَنْتَهِي إلَى حَدٍّ يُضْبَطُ بِهِ. وَيَصِفُ الزُّبْدَ بِأَوْصَافِ السَّمْنِ، وَيَزِيدُ، زُبْدُ يَوْمِهِ أَوْ أَمْسِهِ. وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ مُتَغَيِّرٍ فِي السَّمْنِ أَوْ الزُّبْدِ، وَلَا رَقِيقٍ، إلَّا أَنْ تَكُونَ رِقَّتُهُ لِلْحَرِّ. وَيَصِفُ اللَّبَنَ بِالنَّوْعِ وَالْمَرْعَى، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اللَّوْنِ، وَلَا حَلْبَةِ يَوْمِهِ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَهُ يَقْتَضِي ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ مُتَغَيِّرٍ.
قَالَ أَحْمَدُ: وَيَصِحُّ السَّلَمَ فِي الْمَخِيضِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَصِحُّ السَّلَمَ فِيهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ، وَهُوَ الْمَاءُ، فَصَارَ الْمَقْصُودُ مَجْهُولًا. وَلَنَا أَنَّ الْمَاءَ يَسِيرٌ، يُتْرَكُ لِأَجْلِ الْمَصْلَحَةِ، جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ، فَلَمْ يَمْنَعْ صِحَّةَ السَّلَمَ فِيهِ، كَالْمَاءِ فِي الشَّيْرَجِ، وَالْمِلْحِ وَالْإِنْفَحَة فِي الْجُبْنِ، وَالْمَاءِ فِي خَلِّ التَّمْرِ، وَيَصِفُ الْجُبْنَ بِالنَّوْعِ وَالْمَرْعَى، وَرَطْبٍ أَوْ يَابِسٍ، وَيَصِفُ اللِّبَأَ بِصِفَاتِ اللَّبَنِ، وَيَزِيدُ اللَّوْنَ، وَيَذْكُرُ الطَّبْخَ أَوْ لَيْسَ بِمَطْبُوخٍ.
[فَصْلٌ ضَبْطُ الثِّيَابِ فِي السَّلَم بِسِتَّةِ أَوْصَافٍ]
(٣٢٠٩) فَصْلٌ: وَتُضْبَطُ الثِّيَابُ بِسِتَّةِ أَوْصَافٍ؛ النَّوْعُ، كَتَّانٌ أَوْ قُطْنٌ. وَالْبَلَدُ. وَالطُّولُ. وَالْعَرْضُ. وَالصَّفَاقَةُ وَالرِّقَّةُ. وَالْغِلَظُ وَالدِّقَّةُ. وَالنُّعُومَةُ وَالْخُشُونَةُ. وَلَا يَذْكُرُ الْوَزْنَ، فَإِنْ ذَكَرَهُ، لَمْ يَصِحَّ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَ صِفَاتِهِ الْمُشْتَرَطَةِ، وَكَوْنِهِ عَلَى وَزْنٍ مَعْلُومٍ، فَيَكُونُ فِيهِ تَغْرِيرٌ؛ لِتَعَذُّرِ اتِّفَاقِهِ. وَإِنْ ذَكَرَ خَامًا أَوْ مَقْصُورًا، فَلَهُ مَا شَرَطَ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ، جَازَ، وَلَهُ خَامٌ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ. وَإِنْ ذَكَرَ مَغْسُولًا أَوْ لَبِيسًا. لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ اللُّبْسَ يَخْتَلِفُ، وَلَا يَنْضَبِطُ. فَإِنْ أَسْلَمَ فِي مَصْبُوغٍ، وَكَانَ مِمَّا يُصْبَغُ غَزْلُهُ، جَازَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ صِفَاتِ الثَّوْبِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُصْبَغُ بَعْدَ نَسْجِهِ، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ صَبْغَ الثَّوْبِ يَمْنَعُ الْوُقُوفَ عَلَى نُعُومَتِهِ وَخُشُونَتِهِ، وَلِأَنَّ الصِّبْغَ غَيْرَ مَعْلُومٍ. وَإِنْ أَسْلَمَ فِي ثَوْبٍ مُخْتَلِفِ الْغُزُولِ؛ كَقُطْنِ وَإِبْرَيْسَمَ، أَوْ قُطْنٍ وَكَتَّانٍ، أَوْ صُوفٍ، وَكَانَتْ الْغُزُولُ مَضْبُوطَةً بِأَنْ يَقُولَ: السُّدَى إبْرَيْسَمُ، وَاللُّحْمَةُ كَتَّانٌ أَوْ نَحْوُهُ، جَازَ. وَلِهَذَا جَازَ السَّلَمُ فِي الْخَزِّ، وَهُوَ مِنْ غَزْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute