للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ مَا لَا يَقْبَل فِي الْأَبِل]

(٦٧٧٨) فَصْلٌ: وَلَا يُقْبَلُ فِي الْإِبِلِ مَعِيبٌ، وَلَا أَعْجَفُ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ مِنْ جِنْسِ إبِلِهِ، وَلَا إبِلِ بَلَدِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: الْوَاجِبُ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ إبِلِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْقَاتِلَ أَوْ الْعَاقِلَةَ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاسَاةِ، فَيَجِبُ كَوْنُهَا مِنْ جِنْسِ مَالِهِمْ، كَالزَّكَاةِ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ بَعْضِ الْعَاقِلَةِ عِرَابٌ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ بَخَاتِي، أُخِذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ جِنْسِ مَا عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ وَاحِدٍ صِنْفَانِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ بِقِسْطِهِ. وَالثَّانِي، يُؤْخَذُ مِنْ الْأَكْثَرِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا، دَفَعَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ. فَإِنْ دَفَعَ مِنْ غَيْرِ إبِلِهِ خَيْرًا مِنْ إبِلِهِ أَوْ مِثْلَهَا، جَازَ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ فِي الزَّكَاةِ خَيْرًا مِنْ الْوَاجِبِ، وَإِنْ كَانَ أَدْوَنَ، لَمْ يُقْبَلْ، إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُسْتَحِقُّ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إبِلٌ، فَمِنْ غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ إبِلٌ، وَجَبَ مِنْ غَالِبِ إبِلِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ. فَإِنْ كَانَتْ إبِلُهُ عِجَافًا أَوْ مِرَاضًا، كُلِّفَ تَحْصِيلَ صِحَاحٍ مِنْ جِنْسِ مَا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مُتْلَفٍ، فَلَا تُؤْخَذُ فِيهِ مَعِيبَةٌ، كَقِيمَةِ الثَّوْبِ الْمُتْلَفِ، وَنَحْوَ هَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ.

وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فِي النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ» . أَطْلَقَ الْإِبِلَ، فَمَنْ قَيَّدَهَا احْتَاجَ إلَى دَلِيلٍ وَلِأَنَّهَا بَدَلُ الْمُتْلَفِ، فَلَمْ يَخْتَصَّ بِجِنْسِ مَالِهِ، كَبَدَلِ سَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ؛ وَلِأَنَّهَا حَقٌّ لَيْسَ سَبَبُهُ الْمَالَ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ كَوْنُهُ مِنْ جِنْسِ مَالِهِ، كَالْمُسْلَمِ فِيهِ وَالْقَرْضِ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالدِّيَةِ جَبْرُ الْمَفُوتِ، وَالْجَبْرُ لَا يَخْتَصُّ بِجِنْسِ مَالِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ. وَفَارَقَ الزَّكَاةَ؛ فَإِنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاسَاةِ، لِيُشَارِكَ الْفُقَرَاءُ الْأَغْنِيَاءَ فِيمَا أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ عَلَيْهِمْ، فَاقْتَضَى كَوْنَهُ مِنْ جِنْسِ أَمْوَالِهِمْ، وَهَذَا بَدَلُ مُتْلَفٍ، فَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِهِ بِمَالِهِ.

وَقَوْلُهُمْ: إنَّهَا مُوَاسَاةٌ. غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ جَبْرًا لِلْفَائِتِ كَبَدَلِ الْمَالِ الْمُتْلَفِ، وَإِنَّمَا الْعَاقِلَةُ تُوَاسِي الْقَاتِلَ فِيمَا وَجَبَ بِجِنَايَتِهِ، وَلِهَذَا لَا يَجِبُ مِنْ جِنْسِ أَمْوَالِهِمْ إذَا لَمْ يَكُونُوا ذَوِي إبِلٍ، وَالْوَاجِبُ بِجِنَايَتِهِ إبِلٌ مُطْلَقَةٌ، فَتُوَاسِيه فِي تَحَمُّلِهَا، وَلِأَنَّهَا لَوْ وَجَبَتْ مِنْ جِنْسِ مَالِهِمْ، لَوَجَبَتْ الْمَرِيضَةُ مِنْ الْمِرَاضِ، وَالصَّغِيرَةُ مِنْ الصِّغَارِ، كَالزَّكَاةِ.

[مَسْأَلَةٌ كَانَ الْقَتْل عَمْدًا فَالدِّيَة عَلَى مَال الْقَاتِل]

(٦٧٧٩) مَسْأَلَةٌ: (قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا، فَهِيَ فِي مَالِ الْقَاتِلِ، حَالَّةً أَرْبَاعًا؛ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتِ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً)

<<  <  ج: ص:  >  >>