يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ بِهَا ظَاهِرًا.
وَلَوْ اسْتَقْصَى الصِّفَاتِ حَتَّى انْتَهَى إلَى حَالَ يَنْدُرُ وُجُودُ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِتِلْكَ الْأَوْصَافِ، بَطَلَ السَّلَمُ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ عَامَ الْوُجُودِ عِنْدَ الْمَحِلِّ، وَاسْتِقْصَاءُ الصِّفَاتِ يَمْنَعُ مِنْهُ. وَلَوْ شَرَطَ الْأَجْوَدَ، لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْأَجْوَدِ. وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ كَانَ نَادِرًا. وَإِنْ شَرَطَ الْأَرْدَأَ احْتَمَلَ أَنْ لَا يَصِحَّ لِذَلِكَ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَا يُسْلِمُ شَيْئًا إلَّا كَانَ خَيْرًا مِمَّا شَرَطَهُ، فَلَا يَعْجِزُ إذًا عَنْ تَسْلِيمِ مَا يَجِبُ قَبُولُهُ، بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا. وَلَوْ أَسْلَمَ فِي جَارِيَةٍ وَابْنَتِهَا، لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَضْبِطَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِصِفَاتٍ، وَيَتَعَذَّرُ وُجُودُ تِلْكَ الصِّفَاتِ فِي جَارِيَةٍ وَابْنَتِهَا.
وَكَذَلِكَ إنْ أَسْلَمَ فِي جَارِيَةٍ وَأُخْتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا أَوْ ابْنَةِ عَمِّهَا؛ لِمَا ذَكَرْنَا. وَلَوْ أَسْلَمَ فِي ثَوْبٍ عَلَى صِفَةِ خِرْقَةٍ أَحْضَرَهَا، لَمْ يَجُزْ؛ لِجَوَازِ أَنْ تَهْلِكَ الْخِرْقَةُ، وَهَذَا غَرَرٌ، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ، فَمَنَعَ الصِّحَّةَ، كَمَا لَوْ شَرَطَ مِكْيَالًا بِعَيْنِهِ، أَوْ صَنْجَةً بِعَيْنِهَا.
[فَصْلٌ الْجِنْسُ وَالْجَوْدَةُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا شَرْطَانِ فِي كُلِّ مُسْلَمٍ فِيهِ]
(٣٢٠٣) فَصْلٌ: وَالْجِنْسُ، وَالْجَوْدَةُ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا، شَرْطَانِ فِي كُلّ مُسْلَمٍ فِيهِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى تَكْرِيرِ ذِكْرِهِمَا فِي كُلّ مُسْلَمٍ فِيهِ، وَيَذْكُرُ مَا سِوَاهُمَا، فَيَصِفُ التَّمْرَ بِأَرْبَعَةِ أَوْصَافٍ؛ النَّوْعُ، بَرْنِيُّ أَوْ مَعْقِلِيٌّ، وَالْبَلَدُ، إنْ كَانَ يَخْتَلِفُ، فَيَقُولُ بَغْدَادِيٌّ، أَوْ بَصْرِيٌّ؛ فَإِنَّ الْبَغْدَادِيَّ أَحْلَى وَأَقَلُّ بَقَاءً لِعُذُوبَةِ الْمَاءِ، وَالْبَصْرِيُّ بِخِلَافِ ذَلِكَ. وَالْقَدْرُ، كِبَارٌ أَوْ صِغَارٌ، وَحَدِيثٌ أَوْ عَتِيقٌ. فَإِنْ أَطْلَقَ الْعَتِيقَ، فَأَيَّ عَتِيقٍ أَعْطَى جَازَ، مَا لَمْ يَكُنْ مَسُوسًا وَلَا حَشَفًا وَلَا مُتَغَيِّرًا.
وَإِنْ قَالَ: عَتِيقُ عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ فَهُوَ عَلَى مَا قَالَ. فَأَمَّا اللَّوْنُ، فَإِنْ كَانَ النَّوْعُ الْوَاحِدُ مُخْتَلِفًا، كالطبرز يَكُونُ أَحْمَرَ، وَيَكُونُ أَسْوَدَ. ذَكَرَهُ، وَإِلَّا فَلَا. وَالرُّطَبُ كَالتَّمْرِ فِي هَذِهِ الْأَوْصَافِ، إلَّا الْحَدِيثَ وَالْعَتِيقَ، وَلَا يَأْخُذُ مِنْ الرُّطَبِ إلَّا مَا أُرْطِبَ كُلُّهُ. وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ مُشَدَّخًا، وَلَا قَدِيمًا قَارَبَ أَنْ يُتْمِرَ. وَهَكَذَا مَا جَرَى مَجْرَاهُ، مِنْ الْعِنَبِ وَالْفَوَاكِهِ.
[فَصْلٌ يُوصَفُ الْبَرّ فِي السَّلَم بِأَرْبَعَةِ أَوْصَافٍ]
(٣٢٠٤) فَصْلٌ: وَيَصِفُ الْبُرَّ بِأَرْبَعَةِ أَوْصَافٍ؛ النَّوْعُ، فَيَقُولُ: سَبِيلَةٌ أَوْ سَلْمُونِيٌّ. وَالْبَلَدُ، فَيَقُولُ: حُورَانِيٌّ أَوْ بَلْقَاوِيٌّ أَوْ سِمَالِيٌّ. وَصِغَارُ الْحَبِّ أَوْ كِبَارُهُ، وَحَدِيثٌ أَوْ عَتِيقٌ. وَإِنْ كَانَ النَّوْعُ الْوَاحِدُ يَخْتَلِفُ لَوْنُهُ. ذَكَرَهُ، وَلَا يَسْلَمُ فِيهِ إلَّا مُصَفًّى، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الشَّعِيرِ وَالْقُطْنِيَّاتِ وَسَائِرِ الْحُبُوبِ.
[فَصْلٌ يُوصَفُ الْعَسَل فِي السَّلَم بِثَلَاثَةِ أَوْصَافٍ]
(٣٢٠٥) فَصْلٌ: وَيَصِفُ الْعَسَلَ بِثَلَاثَةِ أَوْصَافٍ الْبَلَدِيُّ، فِيجِيٌّ أَوْ نَحْوُهُ. وَيُجْزِئُ ذَلِكَ عَنْ النَّوْعِ. وَالزَّمَانِ؛ رَبِيعِيٌّ أَوْ خَرِيفِيٌّ، أَوْ صَيْفِيٌّ. وَاللَّوْنُ؛ أَبْيَضُ أَوْ أَحْمَرُ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا مُصَفًّى مِنْ الشَّمْعِ.