فَبَانَ خِلَافُهَا، فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ، كَمَا لَوْ شَرَطَ الْحُرِّيَّةَ. وَعَلَى هَذَا لَوْ شَرَطَهَا ذَاتَ نَسَبٍ، فَبَانَتْ دُونَهُ، أَوْ شَرَطَهَا بَيْضَاءَ، فَبَانَتْ سَوْدَاءَ، أَوْ شَرَطَهَا طَوِيلَةً، فَبَانَتْ قَصِيرَةً، أَوْ حَسْنَاءَ فَبَانَتْ شَوْهَاءَ، خُرِّجَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَجْهَانِ. وَنَحْوُ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: الْقِيَاسُ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ إنْ كَانَ فِيهِ اخْتِلَافٌ، وَإِنْ كَانَ إجْمَاعًا فَالْإِجْمَاعُ أَوْلَى مِنْ النَّظَرِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَ أَبَا ثَوْرٍ عَلَى مَقَالَتِهِ. وَمِمَّنْ أَلْزَمَ الزَّوْجَ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهَا الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَرَوَى الزُّهْرِيُّ، أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَلَمْ يَجِدْهَا عَذْرَاءَ، كَانَتْ الْحَيْضَةُ خَرَقَتْ عُذْرَتَهَا، فَأَرْسَلَتْ إلَيْهِ عَائِشَةُ إنَّ الْحَيْضَةَ تُذْهِبُ الْعُذْرَةَ يَقِينًا.
وَعَنْ الْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ فِي الرَّجُلِ إذَا لَمْ يَجِدْ امْرَأَتَهُ عَذْرَاءَ: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، الْعُذْرَةُ تُذْهِبُهَا الْوَثْبَةُ، وَكَثْرَةُ الْحَيْضِ، وَالتَّعَنُّسُ، وَالْحِمْلُ الثَّقِيلُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً يَظُنُّهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَةً أَوْ يَظُنُّهَا مُسْلِمَةً فَبَانَتْ كَافِرَةً]
(٥٢٧٤) فَصْلٌ: وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً يَظُنُّهَا حُرَّةً، فَبَانَتْ أَمَةً، أَوْ يَظُنُّهَا مُسْلِمَةً، فَبَانَتْ كَافِرَةً، أَوْ تَزَوَّجَتْ عَبْدًا تَظُنُّهُ حُرًّا، فَلَهُمْ الْخِيَارُ، كَمَا لَوْ شَرَطُوا ذَلِكَ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فِي امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ عَبْدًا تَظُنُّهُ حُرًّا، فَلَهَا الْخِيَارُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأَمَةِ: لَا خِيَارَ لَهُ. وَفِي الْكَافِرَةِ: لَهُ الْخِيَارُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِمَا جَمِيعًا قَوْلَانِ. وَلَنَا أَنَّ بَعْضَ الرِّقِّ أَعْظَمُ ضَرَرًا، فَإِنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي رِقِّ وَلَدِهِ، وَيَمْنَعُ كَمَالَ اسْتِمْتَاعِهِ، فَكَانَ لَهُ الْخِيَارُ، كَمَا لَوْ كَانَتْ كَافِرَةً.
[فَصْلٌ شَرَطَ فِي النِّكَاحِ أَمَةً فَبَانَتْ حُرَّةً]
(٥٢٧٥) فَصْلٌ: وَإِنْ شَرَطَهَا أَمَةً، فَبَانَتْ حُرَّةً، أَوْ ذَاتَ نَسَبٍ، فَبَانَتْ أَشْرَفَ مِنْهُ، أَوْ عَلَى صِفَةٍ دَنِيئَةٍ، فَبَانَتْ خَيْرًا مِنْ شَرْطِهِ، أَوْ كَافِرَةً، فَبَانَتْ مُسْلِمَةً، فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَهُ الْخِيَارُ إذَا بَانَتْ مُسْلِمَةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْعِبَادَاتِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
[فَصْلٌ كُلُّ مَوْضِعٍ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ فَفَسَخَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ]
(٥٢٧٦) فَصْلٌ: وَكُلُّ مَوْضِعٍ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ فَفَسَخَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ. وَإِنْ فَسَخَ بَعْدَهُ، وَكَانَ التَّغْرِيرُ مِمَّنْ لَهُ الْمَهْرُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ، فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ، يَدْفَعُهُ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَارِّ، فَإِنْ كَانَ التَّغْرِيرُ مِنْ أَوْلِيَائِهَا، رَجَعَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ عَلِمَ بَعْضَهُمْ اُحْتُمِلَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ الْغَارُّ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى جَمِيعِهِمْ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ فِي الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ سَوَاءٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute