دِرْعُك الْحَطْمِيَّةُ؟ .» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ. وَلَنَا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، فِي الَّذِي زَوَّجَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَخَلَ بِهَا وَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا.
وَرَوَتْ عَائِشَةُ، قَالَتْ: «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أُدْخِلَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا، قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا.» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَلِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، فَلَمْ يَقِفْ جَوَازُ تَسْلِيمِ الْمُعَوَّضِ عَلَى قَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ، كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ، وَالْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ. وَأَمَّا الْأَخْبَارُ فَمَحْمُولَةٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُعْطِيَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ شَيْئًا، مُوَافَقَةً لِلْأَخْبَارِ، وَلِعَادَةِ النَّاسِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَلِتَخْرُجَ الْمُفَوِّضَةُ عَنْ شَبَهِ الْمَوْهُوبَةِ، وَلِيَكُونَ ذَلِكَ أَقْطَعَ لِلْخُصُومَةِ. وَيُمْكِنُ حَمَلُ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسِ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، فَلَا يَكُونُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَرْقٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَم.
[مَسْأَلَة مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الْإِصَابَةَ وَقَبْلَ الْفَرْضِ]
(٥٦١٢) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْإِصَابَةِ، وَقَبْلَ الْفَرْضِ، وَرِثَهُ صَاحِبُهُ، وَكَانَ لَهَا مَهْرُ نِسَائِهَا) أَمَّا الْمِيرَاثُ فَلَا خِلَافَ فِيهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فَرْضًا وَعَقْدُ الزَّوْجِيَّةِ هَاهُنَا صَحِيحٌ ثَابِتٌ، فَيُورَثُ بِهِ؛ لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ النَّصِّ. وَأَمَّا الصَّدَاقُ، فَإِنَّهُ يَكْمُلُ لَهَا مَهْرُ نِسَائِهَا، فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَرَبِيعَةَ، وَمَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ: لَا مَهْرَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ وَرَدَتْ عَلَى تَفْوِيضٍ صَحِيحٍ قَبْلَ فَرْضٍ وَمَسِيسٍ، فَلَمْ يَجِبْ بِهَا مَهْرٌ كَفُرْقَةِ الطَّلَاقِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ كَقَوْلِنَا فِي الْمُسْلِمَةِ وَكَقَوْلِهِمْ فِي الذِّمِّيَّةِ. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، لَا يَكْمُلُ، وَيَتَنَصَّفُ وَلِلشَّافِعِي قَوْلَانِ، كَالرِّوَايَتَيْنِ. وَلَنَا: مَا رُوِيَ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَضَى لِامْرَأَةٍ لَمْ يَفْرِضْ لَهَا زَوْجُهَا صَدَاقًا، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى مَاتَ، فَقَالَ: لَهَا صَدَاقُ نِسَائِهَا، لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ. فَقَامَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانِ الْأَشْجَعِيُّ، فَقَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بِرْوَعَ ابْنَةِ وَاشِقٍ مِثْلَ مَا قَضَيْت.» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَهُوَ نَصٌّ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ، وَلِأَنَّ الْمَوْتَ مَعْنَى يَكْمُلُ بِهِ الْمُسَمَّى، فَكَمَلَ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ لِلْمُفَوِّضَةِ، كَالدُّخُولِ. وَقِيَاسُ الْمَوْتِ عَلَى الطَّلَاقِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّ الْمَوْتَ يَتِمُّ بِهِ النِّكَاحُ فَيَكْمُلُ بِهِ الصَّدَاقُ، وَالطَّلَاقُ يَقْطَعُهُ وَيُزِيلُهُ قَبْلَ إتْمَامِهِ، وَلِذَلِكَ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بِالْمَوْتِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَمْ تُجِبْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute