للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَنَا، أَنَّ الْإِطْعَامَ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي الْكَفَّارَةِ، فَلَمْ يَسْقُطْ بِالْعَجْزِ عَنْهُ، كَالْإِطْعَامِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَفَارَقَ الْوُضُوءَ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَاجِبَةٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ أَدَائِهَا، فَاحْتِيجَ إلَى الطَّهَارَةِ لَهَا فِي وَقْتِهَا، بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ.

[فَصْلٌ وَالْكَفَّارَةُ فِي حَقِّ الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ]

(٨٠٧٠) فَصْلٌ: وَالْكَفَّارَةُ فِي حَقِّ الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَالْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - ذَكَرَ الْكَفَّارَةَ بِلَفْظٍ عَامٍّ فِي جَمِيعِ الْمُخَاطَبِينَ، فَدَخَلَ الْكُلُّ فِي عُمُومِهِ إلَّا أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ التَّكْفِيرُ بِالصِّيَامِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا، وَلَا بِالْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ الْإِيمَانَ فِي الرَّقَبَةِ، وَلَا يَجُوزُ لَكَافِرٍ شِرَاءُ مُسْلِمٍ، إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ إسْلَامُهُ فِي يَدَيْهِ، أَوْ يَرِثَ مُسْلِمًا فَيُعْتِقَهُ فَيَصِحَّ إعْتَاقُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ ذَلِكَ فَتَكْفِيرُهُ بِالْإِطْعَامِ أَوْ الْكِسْوَةِ، فَإِذَا كَفَّرَ بِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ، لَمْ يَلْزَمْهُ إعَادَةُ التَّكْفِيرِ. وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ، كَفَّرَ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ؛ مِنْ إعْتَاقٍ، أَوْ إطْعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ أَوْ صِيَامٍ وَيُحْتَمَلُ عَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، أَلَّا يُجْزِئَهُ الصِّيَامُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُكَفِّرُ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ حِينَ الْحِنْثِ، وَلَمْ يَكُنْ الصِّيَامُ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ

[مَسْأَلَةٌ الْيَمِينِ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ]

بَابٌ جَامِعُ الْأَيْمَانِ. (٨٠٧١) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (وَيُرْجَعُ فِي الْأَيْمَانِ إلَى النِّيَّةِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَبْنَى الْيَمِينِ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ، فَإِذَا نَوَى بِيَمِينِهِ مَا يَحْتَمِلُهُ، انْصَرَفَتْ يَمِينُهُ إلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ مَا نَوَاهُ مُوَافِقًا لِظَاهِرِ اللَّفْظِ، أَوْ مُخَالِفًا لَهُ، فَالْمُوَافِقُ لِلظَّاهِرِ أَنْ يَنْوِيَ بِاللَّفْظِ مَوْضُوعَهُ الْأَصْلِيَّ، مِثْلَ أَنْ يَنْوِيَ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ الْعُمُومَ، وَبِالْمُطْلَقِ الْإِطْلَاقَ، وَبِسَائِرِ الْأَلْفَاظِ مَا يَتَبَادَرُ إلَى الْأَفْهَامِ مِنْهَا، وَالْمُخَالِفُ يَتَنَوَّعُ أَنْوَاعًا؛ أَحَدُهَا، أَنْ يَنْوِيَ بِالْعَامِّ الْخَاصَّ، مِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا وَلَا فَاكِهَةً. وَيُرِيدُ لَحْمًا بِعَيْنِهِ، وَفَاكِهَةً بِعَيْنِهَا.

وَمِنْهَا، أَنْ يَحْلِفَ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ أَوْ تَرْكِهِ مُطْلَقًا، وَيَنْوِيَ فِعْلَهُ أَوْ تَرْكَهُ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ، مِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ: لَا أَتَغَدَّى. يَعْنِي الْيَوْمَ، أَوْ: لَآكُلَنَّ. يَعْنِي السَّاعَةَ. وَمِنْهَا، أَنْ يَنْوِيَ بِيَمِينِهِ غَيْرَ مَا يَفْهَمُهُ السَّامِعُ مِنْهُ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْمَعَارِيضِ، فِي مَسْأَلَةِ إذَا تَأَوَّلَ فِي يَمِينِهِ فَلَهُ تَأْوِيلُهُ. وَمِنْهَا، أَنْ يُرِيدَ بِالْخَاصِّ الْعَامَّ، مِثْلَ أَنْ يَحْلِفُ: لَا شَرِبْت لِفُلَانٍ الْمَاءَ مِنْ الْعَطَشِ. يَنْوِي قَطْعَ كُلِّ مَا لَهُ فِيهِ مِنَّةٌ، أَوْ: لَا يَأْوِي مَعَ امْرَأَتِهِ فِي دَارٍ. يُرِيدُ جَفَاءَهَا بِتَرْكِ اجْتِمَاعِهَا مَعَهُ فِي جَمِيعِ الدُّورِ، أَوْ حَلَفَ: لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا. يُرِيدُ قَطْعَ مِنَّتَهَا بِهِ، فَيَتَعَلَّقُ يَمِينُهُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ، أَوْ بِثَمَنِهِ، مِمَّا لَهَا فِيهِ مِنَّةٌ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>