للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَوْجَتَهُ، أَوْ غَيْرَهَا مِنْ النِّسَاءِ. وَيُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ إلَيْهَا، مَا يُعْتَبَرُ فِي غَيْرِهَا؛ مِنْ الْعَدَالَةِ وَالْعَقْلِ، وَسَائِرِ الشُّرُوطِ. وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ عَلَى أَوْلَادِهَا، أَوْ غَيْرِهِمْ، أَوْ وَصَّى إلَيْهَا بِتَفْرِيقِ ثُلُثِهِ أَوْ قَضَاءِ دَيْنِهِ، أَوْ إمْضَاءِ وَصِيَّتِهِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.

[مَسْأَلَةٌ تَزْوِيجُ أُمِّ وَلَدِهِ]

(٨٨٧٦) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَهُ تَزْوِيجُهَا، وَإِنْ كَرِهَتْ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ لِلرَّجُلِ تَزْوِيجَ أُمِّ وَلَدِهِ، أَحَبَّتْ ذَلِكَ أَمْ كَرِهَتْ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَاخْتِيَارُ الْمُزَنِيّ وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ: لَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهَا إلَّا بِرِضَاهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الْحُرِّيَّةِ، عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ السَّيِّدُ إبْطَالَهَا، فَلَمْ يَمْلِكْ تَزْوِيجَهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا، كَالْمُكَاتَبَةِ. وَقَالَ فِي الثَّالِثِ: لَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهَا، وَإِنْ رَضِيَتْ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ فِيهَا قَدْ ضَعُفَ، وَهِيَ لَمْ تَكْمُلْ، فَلَمْ يَمْلِكْ تَزْوِيجَهَا، كَالْيَتِيمَةِ. وَهَلْ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ؟ فِيهِ خِلَافٌ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: إنَّ مَالِكًا لَا يَرَى تَزْوِيجَهَا. فَقَالَ: وَمَا نَصْنَعُ بِمَالِكٍ؟ هَذَا ابْنُ عُمَر، وَابْنُ عَبَّاسٍ، يَقُولَانِ: إذَا وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِهِ، كَانَ لِوَلَدِهَا حُكْمُهَا. وَلَنَا، أَنَّهَا أَمَةٌ يَمْلِكُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا، وَاسْتِخْدَامَهَا، فَمَلَكَ تَزْوِيجَهَا، كَالْقِنِّ، وَفَارَقَتْ الْمُكَاتَبَةَ، فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ مِنْهَا. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ فَاسِدٌ؛ لِذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى مَنْعِ النِّكَاحِ لَامْرَأَةٍ بَالِغَةٍ مُحْتَاجَةٍ إلَيْهِ. وَقَوْلُهُمْ: يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ. لَا يَصِحُّ؛ فَإِنَّ الْحَاكِمَ لَا يُزَوِّجُ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْوَلِيِّ، أَوْ غَيْبَتِهِ، أَوْ عَضْلِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهَا. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ إذَا زَوَّجَهَا فَالْمَهْرُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ كَسْبِهَا، وَكَسْبُهَا لَهُ. وَإِذَا عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ، فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا، فَلَهَا الْخِيَارُ؛ وَلِأَنَّهَا عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ، وَإِنْ كَانَ حُرًّا، فَلَا خِيَارَ لَهَا.

[مَسْأَلَةٌ مَنْ قَذَفَ أُمّ الْوَلَد]

(٨٨٧٧) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَذَفَهَا) هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُرْوَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَلِأَنَّ قَذْفَهَا قَذْفٌ لِوَلَدِهَا الْحُرِّ، وَفِيهَا مَعْنًى يَمْنَعُ بَيْعَهَا، فَأَشْبَهَتْ الْحُرَّةَ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهَا أَمَةٌ، حُكْمُهَا حُكْمُ الْإِمَاءِ، فِي أَكْثَرِ أَحْكَامِهَا، فَفِي الْحَدِّ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَيُحْتَاطُ لِإِسْقَاطِهَا، وَلِأَنَّهَا أَمَةٌ تَعْتِقُ بِالْمَوْتِ، أَشْبَهَتْ الْمُدَبَّرَةَ، وَتُفَارِقُ الْحُرَّةَ فَإِنَّهَا كَامِلَةٌ.

[فَصْلٌ قَتَلَ الْحُرَّة لِأُمَّةِ]

(٨٨٧٨) فَصْلٌ: وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْحُرَّةِ بِقَتْلِهَا؛ لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ. وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ لَهَا رَقِيقًا، وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>