إنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَ لِلْوَصِيَّةِ جِهَةً، فَإِذَا فَاتَتْ، عَادَ الْمُوصَى لَهُ إلَى الْوَرَثَةِ، كَمَا لَوْ أَوْصَى بِشِرَاءِ عَبْدِ زَيْدٍ يُعْتَقُ، فَمَاتَ الْعَبْدُ، أَوْ لَمْ يَبِعْهُ سَيِّدُهُ. وَإِنْ أُنْفِقَ بَعْضُ الدَّرَاهِمِ، ثُمَّ مَاتَ الْفَرَسُ، بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِي الْبَاقِي، كَمَا لَوْ وَصَّى بِشِرَاءِ عَبْدَيْنِ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ شِرَائِهِ. قَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فِي السَّبِيلِ، أَيُجْعَلُ فِي الْحَجِّ مِنْهَا شَيْءٌ؟ فَقَالَ: لَا إنَّمَا يَعْرِفُ النَّاسُ السَّبِيلَ الْغَزْوَ.
[فَصْلٌ أَوْصَى فَقَالَ يَخْدِمُ عَبْدِي فُلَانًا سَنَةٌ ثُمَّ هُوَ حُرٌّ]
(٤٨١٢) فَصْلٌ: وَإِذَا قَالَ: يَخْدِمُ عَبْدِي فُلَانًا سَنَةٌ، ثُمَّ هُوَ حُرٌّ. صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ، فَإِنْ قَالَ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ: لَا أَقْبَلُ الْوَصِيَّةَ. أَوْ قَالَ: قَدْ وَهَبْت الْخِدْمَةَ لَهُ. لَمْ يُعْتَقْ فِي الْحَالِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ وَهَبَ الْخِدْمَةَ لِلْعَبْدِ، عَتَقَ فِي الْحَالِ. وَلَنَا، أَنَّهُ أَوْقَعِ الْعِتْقَ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ، فَلَمْ يَقَعْ قَبْلَهُ، كَمَا لَوْ رَدَّ الْوَصِيَّةَ.
[فَصْل أَوْصَى لِعَمِّهِ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِخَالِهِ بِعُشْرِهِ فَرُدَّتْ وَصِيَّتُهُمَا]
(٤٨١٣) فَصْلٌ: وَإِذَا أَوْصَى لِعَمِّهِ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلِخَالِهِ بِعُشْرِهِ، فَرُدَّتْ وَصِيَّتَهُمَا، فَتَحَاصَّا فِي الثُّلُثِ، فَأَصَابَ الْخَالَ سِتَّةٌ، فَاضْرِبْ الَّذِي أَصَابَهُ فِي وَصِيَّتِهِ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ فِي عَشْرَةٍ، تَكُنْ سِتِّينَ، وَاقْسِمْهُ عَلَى الْفَاضِلِ بَيْنَهُمَا، يَخْرُجْ بِالْقَسْمِ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَهِيَ الثُّلُثُ. وَإِنْ شِئْت قُلْت قَدْ أَصَابَ الْخَالَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ وَصِيَّتِهِ، يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ خُمُسَاهُ، وَهِيَ تَعْدِلُ مَا أَصَابَ الْخَالَ، فَزِدْ عَلَى مَا أَصَابَ الْخَالَ مِثْلَ نِصْفِهِ، وَهُوَ ثُلُثُهُ، يَصِرْ تِسْعَةً، فَهِيَ لِلَّذِي أَصَابَ الْعَمَّ. وَإِنْ قَالَ: أَصَابَ الْعَمَّ الرُّبُعُ، فَقَدْ أَصَابَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ وَصِيَّتِهِ، وَبَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ نِصْفُ سُدُسٍ، يَعْدِلُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ وَصِيَّةِ الْخَالِ، وَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ، وَلِلْعَمِّ ثَلَاثَةُ أَمْثَالِهَا، اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَنِصْفٌ، وَالْمَالُ كُلُّهُ تِسْعُونَ. وَإِنْ قَالَ: أَصَابَ الْخَالَ خُمُسُ الْمَالِ، فَقَدْ بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ خُمُسَاهُ لِلْعَمِّ، فَيَكُونُ الْحَاصِلُ لِلْخَالِ خُمُسَا وَصِيَّتِهِ أَيْضًا. وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ، وَوَصِيَّةُ الْعَمِّ مِثْلُ ثُلُثَيْهَا، دِينَارَانِ وَثُلُثَانِ، وَالثُّلُثُ كُلُّهُ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ، وَالْمَالُ كُلُّهُ عِشْرُونَ. فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا وَصِيَّةٌ بِسُدُسِ الْمَالِ، وَأَصَابَ الْخَالَ سِتَّةٌ، فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ وَصِيَّتِهِ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرِينَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ وَصِيَّتِهِ، وَذَلِكَ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الثُّلُثِ، يَبْقَى مِنْهُ عُشْرٌ تَعْدِلُ مَا حُصِلَ لِلْعَمِّ وَهُوَ سِتَّةٌ، وَالثُّلُثُ سِتُّونَ. وَإِنْ أَصَابَ صَاحِبَ السُّدُسِ عُشْرُ الْمَالِ، فَقَدْ أَصَابَ صَاحِبَ الثُّلُثِ خُمْسُهُ، يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ أَيْضًا عُشْرُهُ، فَهُوَ وَصِيَّةُ الْخَالِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ وَصِيَّتِهِ سِتَّةٌ، فَيَكُونُ الثُّلُثُ سِتِّينَ كَمَا ذَكَرْنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute