الْمُكَاتَبُ. وَإِنْ أَرَادَ قِسْمَتَهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ، لَزِمَهُمْ قَبُولُهُ، أَوْ الْإِبْرَاءُ؛ لِذَلِكَ. فَإِنْ قَبَضُوا الثَّمَرَةَ بِعَيْنِهَا، لَزِمَهُمْ رَدُّ مَا حَصَلَ لَهُمْ إلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُمْ يُقِرُّونَ لَهُ بِهَا، فَلَزِمَهُمْ دَفْعُهَا إلَيْهِ، كَمَا لَوْ أَقَرُّوا بِعِتْقِ عَبْدٍ فِي مِلْكِ غَيْرهمْ، ثُمَّ اشْتَرَوْهُ مِنْهُ
وَإِنْ بَاعَ الثَّمَرَةَ، وَفَرَّقَ ثَمَنَهَا فِيهِمْ، أَوْ دَفَعَهُ إلَى بَعْضِهِمْ، لَمْ يَلْزَمْهُمْ رَدُّ مَا أَخَذُوا مِنْ ثَمَنهَا؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا اعْتَرَفُوا بِالْعَيْنِ، لَا بِثَمَنِهَا. وَإِنْ شَهِدَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ دُونَ بَعْضٍ، أَوْ أَقَرَّ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ، لَزِمَ الشَّاهِدَ أَوْ الْمُقِرَّ الْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، دُونَ غَيْرِهِ. وَإِنْ عَرَضَ عَلَيْهِمْ الْمُفْلِسُ الثَّمَرَةَ بِعَيْنِهَا، فَأَبَوْا أَخْذَهَا، لَمْ يَلْزَمْهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُمْ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ جِنْسِ دُيُونِهِمْ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَنْ لَهُ جِنْسٌ مِنْ الثَّمَرِ أَوْ الزَّرْعِ، كَالْمُقْرِضِ أَوْ الْمُسْلِمِ، فَيَلْزَمُهُ أَخْذُ مَا عُرِضَ عَلَيْهِ، إذَا كَانَ بِصِفَةِ حَقِّهِ
وَلَوْ أَقَرَّ الْغُرَمَاءُ بِأَنَّ الْمُفْلِسَ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ قَبْلَ فَلَسِهِ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُمْ، إلَّا أَنْ يَشْهَدَ مِنْهُمْ عَدْلَانِ، وَيَكُونُ حُكْمُهُمْ فِي قَبْضِ الْعَبْدِ أَوْ أَخْذِ ثَمَنِهِ إنْ عَرَضَهُ عَلَيْهِمْ، حُكْمَ مَا لَوْ أَقَرُّوا بِالثَّمَنِ لِلْبَائِعِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرُّوا بِعَيْنِ مِمَّا فِي يَدَيْهِ أَنَّهَا غَصْبٌ أَوْ عَارِيَّةٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، فَالْحُكْمُ كَمَا ذَكَرْنَا سَوَاءٌ
وَإِنْ أَقَرُّوا بِأَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ بَعْدَ فَلَسِهِ، انْبَنَى عَلَى صِحَّةِ عِتْقِ الْمُفْلِسِ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَصِحُّ عِتْقُهُ. فَلَا أَثَرَ لَإِقْرَارِهِمْ، وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّتِهِ، فَهُوَ كَإِقْرَارِهِمْ بِعِتْقِهِ قَبْلَ فَلَسِهِ، وَإِنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِصِحَّتِهِ، أَوْ بِفَسَادِهِ، نَفَذَ حُكْمُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ، فَيَلْزَمُ مَا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ، وَلَا يَجُوزُ نَقْضُهُ وَلَا تَغْيِيرُهُ.
[فَصْلٌ صَدَّقَ الْمُفْلِسُ الْبَائِعَ فِي الرُّجُوعِ قَبْلَ التَّأْبِيرِ وَكَذَّبَهُ الْغُرَمَاءُ]
(٣٤٢٩) فَصْلٌ: وَإِنْ صَدَّقَ الْمُفْلِسُ الْبَائِعَ فِي الرُّجُوعِ قَبْلَ التَّأْبِيرِ، وَكَذَّبَهُ الْغُرَمَاءُ، لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّ حُقُوقَهُمْ تَعَلَّقَتْ بِالثَّمَرَةِ ظَاهِرًا، فَلَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالنَّخِيلِ، وَعَلَى الْغُرَمَاءِ الْيَمِينُ، أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الْبَائِعَ رَجَعَ قَبْلَ التَّأْبِيرِ؛ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ لَا يَنُوبُونَ فِيهَا عَنْ الْمُفْلِسِ، بَلْ هِيَ ثَابِتَةٌ فِي حَقِّهِمْ ابْتِدَاءً، بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى حَقًّا وَأَقَامَ شَاهِدًا فَلَمْ يَحْلِفْ، لَمْ يَكُنْ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَحْلِفُوا مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ ثُمَّ عَلَى الْمُفْلِسِ، فَلَوْ حَلَفُوا حَلَفُوا لِيُثْبِتُوا حَقًّا لَغَيْرِهِمْ، وَلَا يَحْلِفُ الْإِنْسَانُ لِيُثْبِتَ لِغَيْرِهِ حَقًّا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَائِبًا فِيهَا؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا الْأَصْلُ أَنَّ هَذَا الطَّلْعَ قَدْ تَعَلَّقَتْ حُقُوقُهُمْ بِهِ، لِكَوْنِهِ فِي يَدِ غَرِيمِهِمْ، وَمُتَّصِلٌ بِنَخْلِهِ، وَالْبَائِعُ يَدَّعِي مَا يُزِيلُ حُقُوقَهُمْ عَنْهُ، فَأَشْبَهَ سَائِرَ أَعْيَانِ مَالِهِ، وَيَحْلِفُونَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ عَلَى نَفْيِ الدَّيْنِ عَنْ الْمَيِّتِ
وَلَوْ أَقَرَّ الْمُفْلِسُ بِعَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ لِأَجْنَبِيٍّ، أَوْ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ، فَأَنْكَرَهُ الْغُرَمَاءُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ، وَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِغَرِيمٍ آخَرَ يَسْتَحِقُّ مُشَارَكَتَهُمْ، فَأَنْكَرُوهُ، فَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ أَيْضًا، وَيَكُونُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لِذَلِكَ. وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ، أَعْتَقَ عَبْدَهُ، انْبَنَى ذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ عِتْقِ الْمُفْلِسِ
فَإِنْ قُلْنَا: يَصِحُّ عِتْقُهُ صَحَّ إقْرَارُهُ، وَعَتَقَ؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا مَلَكَ الْإِقْرَارَ بِهِ، وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْعِتْقِ يَحْصُلُ بِهِ الْعِتْقُ، فَكَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي الْحَالِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَصِحُّ عِتْقُهُ. لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ، وَكَانَ عَلَى الْغُرَمَاءِ الْيَمِينُ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute