أَحَدُهُمَا، لَا يَنْفَسِخُ بِهِ نِكَاحُ امْرَأَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ. وَالثَّانِي، أَنَّ امْرَأَتَهُ تَبِينُ بِذَلِكَ، وَلَا تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا. وَفِي الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ دُونَ الْفَرْجِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، تَنْشُرُ الْحُرْمَةَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ؛ لِأَنَّهَا مُبَاشَرَةٌ تَحْرُمُ فِي غَيْرِ النِّكَاحِ وَالْمِلْكِ فَأَشْبَهَتْ الْوَطْءَ وَالثَّانِيَةُ، لَا تَنْشُرُهَا، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِسَبَبٍ لِلْبَعْضِيَّةِ، فَلَا تَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، كَالنَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ
وَخَرَّجَ أَصْحَابُنَا فِي النَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ وَالْخَلْوَةِ لِشَهْوَةٍ وَجْهًا أَنَّهُ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ.
[فَصْلٌ فَعَلْت الْمَرِيضَةُ مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا فَمَاتَتْ فِي مَرَضِهَا]
(٤٩٨٨) فَصْلٌ: وَإِنْ فَعَلَتْ الْمَرِيضَةُ مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا، كَرَضَاعِ امْرَأَةٍ صَغِيرَةٍ لِزَوْجِهَا، أَوْ رَضَاعِ زَوْجِهَا الصَّغِيرِ، أَوْ ارْتَدَّتْ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَمَاتَتْ فِي مَرَضِهَا، وَرِثَهَا الزَّوْجُ وَلَمْ تَرِثْهُ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا يَرِثُهَا
وَلَنَا، أَنَّهَا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَرَّ مِنْ مِيرَاثِ الْآخَرِ، فَأَشْبَهَ الرَّجُلَ. وَإِنْ أُعْتِقَتْ، فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا، أَوْ كَانَ الزَّوْجُ عِنِّينًا فَأَجَّلَ سَنَةً، وَلَمْ يُصِبْهَا حَتَّى مَرِضَتْ فِي آخَرِ الْحَوْلِ، فَاخْتَارَتْ فُرْقَتَهُ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا، لَمْ يَتَوَارَثَا فِي قَوْلِهِمْ أَجْمَعِينَ. ذَكَرَهُ ابْنُ اللَّبَّانِ فِي " كِتَابِهِ ". وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْمُعْتَقَةِ إذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فِي مَرَضِهَا، لَمْ يَرِثْهَا؛ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ فِي هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ، لَا لِلْفِرَارِ مِنْ الْمِيرَاثِ. وَإِنْ قَبَّلَتْ ابْنَ زَوْجِهَا لِشَهْوَةٍ، خُرِّجَ فِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا وَيَرِثُهَا إذَا كَانَتْ مَرِيضَةً، وَمَاتَتْ فِي عِدَّتِهَا
وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ. وَالثَّانِي، لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِهِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَةَ أَخِيهِ وَهِيَ صَغِيرَةٌ، ثُمَّ بَلَغَتْ، فَفَسَخَتْ النِّكَاحَ فِي مَرَضِهَا، لَمْ يَرِثْهَا الزَّوْجُ. بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ أَصْلِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي صَحِيحِ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ، وَلَهَا الْخِيَارُ. وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، إلَّا أَنَّ الْفَسْخَ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ لَا مِنْ أَجْلِ الْفِرَارِ، فَلَمْ يَرِثْهَا، كَمَا لَوْ فَسَخَتْ الْمُعْتَقَةُ نِكَاحَهَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ طَلَّقَ الْمَرِيضُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ نَكَحَ أُخْرَى وَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ]
(٤٩٨٩) فَصْلٌ: إذَا طَلَّقَ الْمَرِيضُ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ نَكَحَ أُخْرَى، وَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ فِي عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ، وَرِثَتَاهُ جَمِيعًا. هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ، لَا تَرِثُ الْمَبْتُوتَةُ، فَيَكُونُ الْمِيرَاثُ كُلُّهُ لِلثَّانِيَةِ. وَقَالَ مَالِكٌ الْمِيرَاثُ كُلُّهُ لِلْمُطَلَّقَةِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْمَرِيضِ عِنْدَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ. وَجَعَلَ بَعْضُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute