للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَصْحَابِنَا فِيهَا وَجْهًا، أَنَّ الْمِيرَاثَ كُلَّهُ لِلْمُطَلَّقَةِ؛ لِأَنَّهَا تَرِثُ مِنْهُ مَا كَانَتْ تَرِثُ قَبْلَ طَلَاقِهَا، وَهُوَ جَمِيعُ الْمِيرَاثِ، فَكَذَلِكَ بَعْدَهُ

وَلَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ، فَإِنَّهَا إنَّمَا تَرِث مَا كَانَتْ تَرِثُ لَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا، وَلَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا وَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، لَمْ تَرِثْ إلَّا نِصْفَ مِيرَاثِ الزَّوْجَاتِ، فَكَذَلِكَ إذَا طَلَّقَهَا. فَعَلَى هَذَا لَوْ تَزَوَّجَ ثَلَاثًا فِي مَرَضِهِ، فَلَيْسَ لِلْمُطَلَّقَةِ إلَّا رُبْعُ مِيرَاثِ الزَّوْجَاتِ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الزَّوْجَاتِ رُبُعُهُ. وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ، فَالْمِيرَاثُ لِلزَّوْجَاتِ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ. وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى، أَنَّ الْمِيرَاثَ لِلْأَرْبَعِ. وَعِنْدَ مَالِكٍ الْمِيرَاثُ كُلُّهُ لِلْمُطَلَّقَةِ

وَإِنْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، فَطَلَّقَ إحْدَاهُنَّ ثَلَاثًا فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ نَكَحَ أُخْرَى فِي عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ، أَوْ طَلَّقَ امْرَأَةً وَاحِدَةً، وَنَكَحَ أُخْتَهَا فِي عِدَّتِهَا، وَمَاتَ فِي عِدَّتِهَا، فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ، وَالْمِيرَاثُ بَيْنَ الْمُطَلَّقَةِ وَبَاقِي الزَّوْجَاتِ الْأَوَائِلِ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: النِّكَاحُ صَحِيحٌ، وَالْمِيرَاثُ لِلْجَدِيدَةِ مَعَ بَاقِي الْمَنْكُوحَاتِ دُونَ الْمُطَلَّقَةِ. وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِهِ الْقَدِيمِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنْ يَكُونَ الْمِيرَاثُ بَيْنَ الْمُطَلَّقَةِ وَبَاقِي الزَّوْجَاتِ، كَقَوْلِ الْجُمْهُورِ، وَلَا شَيْءَ لِلْمَنْكُوحَةِ

وَالثَّانِي، أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُنَّ عَلَى خَمْسَةٍ، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ خُمْسُهُ. فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ، فَفِي مِيرَاثِهَا رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا مِيرَاثَ لَهَا، فَيَكُونُ الْمِيرَاثُ لِبَاقِي الزَّوْجَاتِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ. وَالثَّانِيَةُ، تَرِثُ مَعَهُنَّ وَلَا شَيْءَ لِلْمَنْكُوحَةِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْمِيرَاثُ لِلْمَنْكُوحَاتِ كُلِّهِنَّ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُطَلَّقَةِ. وَإِنْ تَزَوَّجَ الْخَامِسَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ، صَحَّ نِكَاحُهَا

وَهَلْ تَرِثُ الْمُطَلَّقَةُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا تَرِثُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: يَلْزَمُ مَنْ قَالَ: يَصِحُّ النِّكَاحُ فِي الْعِدَّةِ. أَنْ يَرِثَ ثَمَانِ نِسْوَةٍ، وَأَنْ يَرِثَهُ أُخْتَانِ، فَيَكُونُ مُسْلِمٌ يَرِثُهُ ثَمَانِ نِسْوَةٍ أَوْ أُخْتَانِ، وَتَوْرِيثُ الْمُطَلَّقَاتِ بَعْدَ الْعِدَّة يَلْزَمُ مِنْهُ هَذَا، أَوْ حِرْمَانُ الزَّوْجَاتِ الْمَنْصُوصِ عَلَى مِيرَاثِهِنَّ، فَيَكُونُ مُنْكِرًا لَهُ غَيْرَ قَائِلٍ بِهِ. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمِيرَاثُ لِلزَّوْجَاتِ دُونَ الْمُطَلَّقَةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، تَرِثُ الْمُطَلَّقَةُ. فَيُخَرَّجُ فِيهِ

وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَ الْخَمْسِ. وَالثَّانِي، يَكُونُ لِلْمُطَلَّقَةِ وَالْمَنْكُوحَاتِ الْأَوَائِلِ دُونَ الْجَدِيدَةِ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ مَمْنُوعٌ مِنْ أَنْ يَحْرِمَهُنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>