[فَصْلٌ وَقَفَ عَلَى مَنْ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ ثُمَّ عَلَى مَنْ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ]
(٤٤٠١) فَصْلٌ: وَإِنْ وَقَفَ عَلَى مَنْ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، ثُمَّ عَلَى مَنْ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، مِثْلُ أَنْ يَقِفَ عَلَى أَوْلَادِهِ، ثُمَّ عَلَى الْبِيَعِ. صَحَّ الْوَقْفُ أَيْضًا، وَيُصْرَفُ بَعْدَ انْقِرَاضِ مَنْ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ إلَى مَنْ يُصْرَفُ إلَيْهِ الْوَقْفُ الْمُنْقَطِعُ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهُ لِمَنْ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ وَعَدَمَهُ وَاحِدٌ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ الْوَقْفُ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ مَا يَجُوزُ وَمَا لَا يَجُوزُ، فَأَشْبَهَ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ.
[فَصْلٌ كَانَ الْوَقْفُ مُنْقَطِعَ الِابْتِدَاءِ]
فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ مُنْقَطِعَ الِابْتِدَاءِ، مِثْلَ أَنْ يَقِفَهُ عَلَى مَنْ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، كَنَفْسِهِ، أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ، أَوْ عَبْدِهِ، أَوْ كَنِيسَةٍ، أَوْ مَجْهُولٍ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ مَالًا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ. وَكَذَلِكَ إنْ جَعَلَ مَالَهُ مِمَّا لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَلَّ بِأَحَدِ شَرْطَيْ الْوَقْفِ فَبَطَلَ، كَمَا لَوْ وَقَفَ مَا لَا يَجُوزُ وَقْفُهُ. وَإِنْ جَعَلَ لَهُ مَالًا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، مِثْلُ أَنْ يَقِفَهُ عَلَى عَبْدِهِ، ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ
وَلِلشَّافِعِيِّ فِيهِ قَوْلَانِ، كَالْوَجْهَيْنِ، فَإِذَا قُلْنَا: يَصِحُّ. وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي، وَكَانَ مَنْ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ مِمَّنْ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ انْقِرَاضِهِ، كَالْمَيِّتِ وَالْمَجْهُولِ وَالْكَنَائِسِ، صُرِفَ فِي الْحَالِ إلَى مَنْ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّنَا لَمَّا صَحَّحْنَا الْوَقْفَ مَعَ ذِكْرِ مَا لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، فَقَدْ أَلْغَيْنَاهُ؛ فَإِنَّهُ يَتَعَذَّرُ التَّصْحِيحُ مَعَ اعْتِبَارِهِ، وَإِنْ كَانَ مَنْ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ يُمْكِنُ اعْتِبَارُ انْقِرَاضِهِ، كَأُمِّ وَلَدِهِ، وَعَبْدٍ مُعَيَّنٍ، فَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا، أَنَّهُ يُصْرَفُ فِي الْحَالِ إلَى مَنْ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، كَالَّتِي قَبْلَهَا. ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ
وَالثَّانِي أَنَّهُ يُصْرَفُ فِي الْحَالِ إلَى مَصْرِفِ الْوَقْفِ الْمُنْقَطِعِ، إلَى أَنْ يَنْقَرِضَ مَنْ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، فَإِذَا انْقَرَضَ صُرِفَ إلَى مَنْ يَجُوزُ. وَهَذَا الْوَجْهُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ إنَّمَا جَعَلَهُ وَقْفًا عَلَى مَنْ يَجُوزُ بِشَرْطِ انْقِرَاضِ هَذَا، فَلَا يَثْبُتُ بِدُونِهِ. وَفَارَقَ مَا لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ انْقِرَاضِهِ، فَإِنَّهُ تَعَذَّرَ اعْتِبَارُهُ. وَلِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَجْهَانِ، كَهَذَيْنِ.
[فَصْلٌ كَانَ الْوَقْفُ صَحِيحَ الطَّرَفَيْنِ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ]
(٤٤٠٣) فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ صَحِيحَ الطَّرَفَيْنِ، مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ، مِثْلَ أَنْ يَقِفَ عَلَى وَلَدِهِ، ثُمَّ عَلَى عَبِيدِهِ، ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ. خُرِّجَ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ وَجْهَانِ، كَمُنْقَطِعِ الِانْتِهَاءِ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِيمَا لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ اعْتِبَارُ انْقِرَاضِهِ أَلْغَيْنَاهُ إذَا قُلْنَا بِالصِّحَّةِ، وَإِنْ أَمْكَنَ اعْتِبَارُ انْقِرَاضِهِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ أَوْ يُلْغَى؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعَ الطَّرَفَيْنِ، صَحِيحَ الْوَسَطِ كَرَجُلٍ وَقَفَ عَلَى عَبِيدِهِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ، ثُمَّ عَلَى الْكَنِيسَةِ، خُرِّجَ فِي صِحَّتِهِ أَيْضًا وَجْهَانِ، وَمَصْرِفُهُ بَعْدَ مَنْ يَجُوزُ إلَى مَصْرِفِ الْوَقْفِ الْمُنْقَطِعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute