للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. يُرْوَى عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَزَيْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ.

وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْمَالُ لِلَّذِي هُوَ أَخٌ مِنْ أُمٍّ. وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ، وَالْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَعَطَاءٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي قَرَابَةٍ لِأَبٍ وَفَضَلَهُ هَذَا بِأُمٍّ، فَصَارَ كَأَخَوَيْنِ أَوْ عَمَّيْنِ، أَحَدُهُمَا لِأَبَوَيْنِ، وَالْآخَرُ لِأَبٍ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ابْنُ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ، وَابْنُ عَمٍّ لِأَبٍ، كَانَ ابْنُ الْعَمِّ لِلْأَبَوَيْنِ أَوْلَى، فَإِذَا كَانَ قُرْبُهُ لِكَوْنِهِ مِنْ وَلَدِ الْجَدَّةِ قَدَّمَهُ، فَكَوْنُهُ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ أَوْلَى.

وَلَنَا، أَنَّ الْإِخْوَةَ مِنْ الْأُمِّ يُفْرَضُ لَهُ بِهَا، إذَا لَمْ يَرِثْ بِالتَّعْصِيبِ، وَهُوَ إذَا كَانَ مَعَهُ أَخٌ مِنْ أَبَوَيْنِ، أَوْ مِنْ أَبٍ أَوْ عَمٍّ، وَمَا يُفْرَضُ لَهُ بِهِ، لَا يُرَجَّحُ بِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا زَوْجًا، وَيُفَارِقُ الْأَخَ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَالْعَمَّ وَابْنِ الْعَمَّ، إذَا كَانَا مِنْ أَبَوَيْنِ، فَإِنَّهُ لَا يُفْرَضُ لَهُ بِقَرَابَةِ أُمِّهِ شَيْءٌ، فَرَجَحَ بِهِ، وَلَا يَجْتَمِعُ فِي إحْدَى الْقَرَابَتَيْنِ تَرْجِيحٌ وَفَرْضٌ. (٤٨٣٧) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا أَخٌ لِأَبٍ، فَلِلْأَخِ مِنْ الْأُمِّ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي لِلْأَخِ مِنْ الْأَبِ. وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا أَخٌ مِنْ أَبَوَيْنِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ، وَابْنُ عَمٍّ هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ، فَعَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ، لِلْأَخِ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي لِلْآخَرِ.

وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ، الْمَالُ كُلُّهُ لِابْنِ الْعَمِّ الَّذِي هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ.

[فَصْلٌ مَاتَ وَتَرَك ابْنِي عَمٍّ أَحَدهمَا أَخٌ مِنْ أُمٍّ وَبِنْتًا أَوْ بِنْتِ ابْنٍ]

(٤٨٣٨) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ ابْنَا عَمٍّ، أَحَدُهُمَا أَخٌ مِنْ أُمٍّ، وَبِنْتٌ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ، فَلِلْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَسَقَطَتْ الْإِخْوَةُ مِنْ الْأُمِّ بِالْبِنْتِ. وَلَوْ كَانَ الَّذِي لَيْسَ بِأَخٍ ابْنَ عَمٍّ مِنْ أَبَوَيْنِ، أَخَذَ الْبَاقِي كُلَّهُ كَذَلِكَ.

وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْبَاقِي لِلْأَخِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْأَخَ مِنْ الْأَبَوَيْنِ يَتَقَدَّمُ عَلَى الْأَخِ مِنْ الْأَبِ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ، فَإِنْ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ بِنْتٌ تَحْجُبُ قَرَابَةَ الْأُمِّ. وَحُكِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ الْبَاقِيَ لِابْنِ الْعَمِّ الَّذِي لَيْسَ بِأَخٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَبٍ؛ لِأَنَّهُ يَرِثُ بِالْقَرَابَتَيْنِ مِيرَاثًا وَاحِدًا، فَإِذَا كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ مَنْ يَحْجُبُ إحْدَاهُمَا، سَقَطَ مِيرَاثُهُ. كَمَا لَوْ اسْتَغْرَقَتْ الْفُرُوضُ الْمَالَ، سَقَطَ الْأَخُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ، وَلَمْ يَرِثْ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ، بِدَلِيلِ مَسْأَلَةِ الْمُشْرَكَةِ.

وَلَنَا، عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ الْبِنْتَ تُسْقِطُ الْمِيرَاثَ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ، فَيَبْقَى التَّعْصِيبُ مُنْفَرِدًا، فَيَرِثُ بِهِ، وَفَارَقَ وَلَدَ الْأَبَوَيْنِ؛ فَإِنَّ قَرَابَةَ الْأُمِّ لَمْ يُرَجَّحْ بِهَا، وَلَا يُفْرَضُ لَهَا، فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا مَا يَحْجُبُهَا. وَفِي مَسْأَلَتِنَا يُفْرَضُ لَهُ بِهَا فَإِذَا كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ مَنْ يَحْجُبُهَا، سَقَطَتْ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَ ابْنِ الْعَمِّ الَّذِي هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>