للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٦٩٢٢) فَصْلٌ: فَإِنْ ضَرَبَهُمَا فَأَشَلَّهُمَا، وَجَبَتْ دِيَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَنْفَعَتَهُمَا، فَوَجَبَتْ دِيَتُهُمَا، كَمَا لَوْ أَشَلَّ يَدَيْهِ، وَإِنْ تَقَلَّصَتَا فَلَمْ تَنْطَبِقَا عَلَى الْأَسْنَانِ، أَوْ اسْتَرْخَتَا فَصَارَتَا لَا تَنْفَصِلَانِ عَنْ الْأَسْنَانِ، فَفِيهِمَا الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهُ عَطَّلَ مَنْفَعَتَهُمَا وَجَمَالَهُمَا.

وَإِنْ تَقَلَّصَتَا بَعْضَ التَّقَلُّصِ، وَجَبَتْ الْحُكُومَةُ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُمَا لَمْ تَبْطُلْ بِالْكُلِّيَّةِ (٦٩٢٣) فَصْلٌ: حَدُّ الشَّفَةِ السُّفْلَى مِنْ أَسْفَلِ مَا تَجَافَى عَنْ الْأَسْنَانِ وَاللِّثَةِ مِمَّا ارْتَفَعَ عَنْ جِلْدَةِ الذَّقَنِ، وَحَدُّ الْعُلْيَا مِنْ فَوْقِ مَا تَجَافَى عَنْ الْأَسْنَانِ وَاللِّثَةِ إلَى اتِّصَالِهِ بِالْمَنْخِرَيْنِ وَالْحَاجِزِ، وَحَدُّهُمَا طُولًا طُولُ الْفَمِ إلَى حَاشِيَةِ الشِّدْقَيْنِ، وَلَيْسَتْ حَاشِيَةُ الشِّدْقَيْنِ مِنْهُمَا.

[مَسْأَلَةٌ دِيَة اللِّسَان الْمُتَكَلِّم]

(٦٩٢٤) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَفِي اللِّسَانِ الْمُتَكَلَّمِ بِهِ الدِّيَةُ) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ الدِّيَةِ فِي لِسَانِ النَّاطِقِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَأَهْلُ الْكُوفَةِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ، وَغَيْرُهُمْ. وَفِي كِتَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ» . وَلِأَنَّ فِيهِ جَمَالًا وَمَنْفَعَةً، فَأَشْبَهَ الْأَنْفَ؛ فَأَمَّا الْجَمَالُ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سُئِلَ عَنْ الْجَمَالِ، فَقَالَ: فِي اللِّسَانِ» . وَيُقَالُ: جَمَالُ الرَّجُلِ فِي لِسَانِهِ، «وَالْمَرْءُ بِأَصْغَرَيْهِ قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ» . وَيُقَالُ مَا الْإِنْسَانُ لَوْلَا اللِّسَانُ إلَّا صُورَةً مُمَثَّلَةً، أَوْ بَهِيمَةً مُهْمَلَةً.

وَأَمَّا النَّفْعُ، فَإِنَّ بِهِ تُبَلَّغُ الْأَغْرَاضُ، وَتُسْتَخْلَصُ الْحُقُوقُ، وَتُدْفَعُ الْآفَاتُ، وَتُقْضَى بِهِ الْحَاجَاتُ، وَتَتِمُّ الْعِبَادَاتُ؛ فِي الْقِرَاءَةِ، وَالذِّكْرِ، وَالشُّكْرِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَالتَّعْلِيمِ وَالدَّلَالَةِ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَبِهِ يَذُوقُ الطَّعَامَ، وَيَسْتَعِينُ فِي مَضْغِهِ وَتَقْلِيبِهِ، وَتَنْقِيَةِ الْفَمِ، وَتَنْظِيفِهِ، فَهُوَ أَعْظَمُ الْأَعْضَاءِ نَفْعًا، وَأَتَمُّهَا جَمَالًا، فَإِيجَابُ الدِّيَةِ فِي غَيْرِهِ تَنْبِيهٌ عَلَى إيجَابِهَا فِيهِ. وَإِنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي لِسَانِ النَّاطِقِ، فَإِنْ كَانَ أَخْرَسَ، لَمْ تَجِبْ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِذَهَابِ نَفْعِهِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ، وَالْعَيْنِ الْقَائِمَةِ.

[فَصْلٌ دِيَة الْكَلَام إذَا جَنَى عَلَيْهِ فَخَرَس]

(٦٩٢٥) فَصْلٌ: وَفِي الْكَلَامِ الدِّيَةُ، فَإِذَا جَنَى عَلَيْهِ فَخَرِسَ، وَجَبَتْ دِيَتُهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا تَعَلَّقَتْ الدِّيَةُ بِإِتْلَافِهِ، تَعَلَّقَتْ بِإِتْلَافِ مَنْفَعَتِهِ، كَالْيَدِ. فَأَمَّا إنْ جَنَى عَلَيْهِ، فَأَذْهَبَ ذَوْقَهُ، فَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: فِيهِ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ الذَّوْقَ حَاسَّةٌ، فَأَشْبَهَ

<<  <  ج: ص:  >  >>