للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحْمَدَ، فَإِنَّهُ قَالَ: أَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ. يَعْنِي هَذَا الْحَدِيثَ. وَلِأَنَّهَا فِي حَالٍ انْتَقَلَتْ إلَيْهَا بَعْدَ زَمَنِ الْبِدْعَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَنْتَقِلَ عَنْهَا إلَى زَمَانِ الْبِدْعَةِ، فَكَانَ طَلَاقُهَا طَلَاقَ سُنَّةٍ، كَالطَّاهِرِ مِنْ الْحَيْضِ مِنْ غَيْرِ مُجَامَعَةٍ.

وَيَتَفَرَّعُ مِنْ هَذَا، أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ. لَمْ تَطْلُقْ فِي الْحَالِ، فَإِذَا وَضَعْت الْحَمْلَ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ النِّفَاسَ زَمَانُ بِدْعَةٍ، كَالْحَيْضِ.

[فَصْل قَالَ لَصَغِيرَةٍ أَوْ غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ]

(٥٨٣٠) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ لَصَغِيرَةٍ أَوْ غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ. ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت إذَا حَاضَتْ الصَّغِيرَةُ، أَوْ أُصِيبَتْ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا. أَوْ قَالَ لَهُمَا: أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ لِلسُّنَّةِ. وَقَالَ: أَرَدْت طَلَاقَهُمَا فِي زَمَنٍ يَصِيرُ طَلَاقُهُمَا فِيهِ لِلسُّنَّةِ. دُيِّنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى. وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي؛ أَحَدُهُمَا، لَا يُقْبَلُ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت إذَا دَخَلْت الدَّارَ. وَالثَّانِي: يُقْبَلُ. وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ فَسَّرَ كَلَامَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ، فَقُبِلَ: كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ. وَقَالَ: أَرَدْت بِالثَّانِيَةِ إفْهَامَهَا.

[فَصْلٌ قَالَ لَهَا فِي طُهْرٍ جَامِعَهَا فِيهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فَيَئِسَتْ مِنْ الْمَحِيضِ]

(٥٨٣١) فَصْلٌ: وَإِذَا قَالَ لَهَا فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ. فَيَئِسَتْ مِنْ الْمَحِيضِ، لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ طَلَاقَهَا بِأَنَّهُ لِلسُّنَّةِ فِي زَمَنٍ يَصْلُحُ لَهُ، فَإِذَا صَارَتْ آيِسَةً، فَلَيْسَ لِطَلَاقِهَا سُنَّةٌ، فَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ، فَلَا يَقَعَ. وَكَذَلِكَ إنْ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا، لَمْ يَقَعْ أَيْضًا، إلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَ طَلَاقَ الْحَامِلِ طَلَاقَ سُنَّةٍ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ؛ لِوُجُودِ الصِّفَةِ، كَمَا لَوْ حَاضَتْ ثُمَّ طَهُرَتْ.

[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً]

(٥٨٣٢) فَصْلٌ: إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً. وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْقُرْءِ، وَقَعَ فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةٌ. فَإِنْ كَانَتْ فِي الْقُرْءِ، وَقَعَتْ بِهَا وَاحِدَةٌ فِي الْحَالِ، وَوَقَعَ بِهَا طَلْقَتَانِ فِي قُرْأَيْنِ آخَرَيْنِ فِي أَوَّلِهِمَا، سَوَاءٌ قُلْنَا: الْقُرْءُ الْحَيْضُ أَوْ الْأَطْهَارُ. وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، إلَّا أَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا تَبِينُ بِالطَّلْقَةِ الْأُولَى، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا، وَقَعَ بِهَا فِي الْقُرْءِ الثَّانِي طَلْقَةٌ أُخْرَى. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الثَّالِثَةِ. وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً، وَقُلْنَا: الْقُرْءُ الْحَيْضُ. لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَحِيضَ، فَتَطْلُقُ فِي كُلِّ حَيْضَةٍ طَلْقَةً. وَإِنْ قُلْنَا: الْقُرْءُ الْأَطْهَارُ. احْتَمَلَ أَنْ تَطْلُقَ فِي الْحَالِ وَاحِدَةً، ثُمَّ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ فَتَطْلُقُ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ الثَّالِثَةَ فِي الطُّهْرِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>