للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَوَاءٌ» . يَعْنِي الْإِبْهَامَ وَالْخِنْصَرَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُد. وَفِي كِتَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «وَفِي كُلِّ إصْبَعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ» .

وَلِأَنَّهُ جِنْسٌ ذُو عَدَدٍ تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ، فَكَانَ سَوَاءً فِي الدِّيَةِ، كَالْأَسْنَانِ، وَالْأَجْفَانِ، وَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ. وَدِيَةُ كُلِّ إصْبَعٍ مَقْسُومَةٌ عَلَى أَنَامِلِهَا، وَفِي كُلِّ إصْبَعٍ ثَلَاثُ أَنَامِلَ إلَّا الْإِبْهَامَ، فَإِنَّهَا أُنْمُلَتَانِ، فَفِي كُلِّ أُنْمُلَةٍ مِنْ غَيْرِ الْإِبْهَامِ ثُلُثُ عَقْلِ الْإِبْهَامِ ثَلَاثَةُ أَبْعِرَةٍ وَثُلُثٌ، وَفِي كُلِّ أُنْمُلَةٍ مِنْ الْإِبْهَامِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، نِصْفُ دِيَتِهَا. وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ: الْإِبْهَامُ أَيْضًا ثَلَاثُ أَنَامِلَ، إحْدَاهَا بَاطِنَةٌ. وَلَيْسَ هَذَا بِصَحِيحِ، فَإِنَّ الِاعْتِبَارَ بِالظَّاهِرِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «فِي كُلِّ إصْبَعٍ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ» . يَقْتَضِي وُجُوبَ الْعَشْرِ فِي الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْإِصْبَعُ الَّتِي يَقَعُ عَلَيْهَا الِاسْمُ دُونَ مَا بَطَنَ مِنْهَا، كَمَا أَنَّ السِّنَّ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا وُجُوبُ دِيَتِهَا هِيَ الظَّاهِرَةُ مِنْ لَحْمِ اللِّثَةِ دُونَ سِنْخِهَا. وَالْحُكْمُ فِي أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ سَوَاءٌ؛ لِعُمُومِ الْخَبَرِ فِيهِمَا، وَحُصُولِ الِاتِّفَاقِ عَلَيْهِمَا.

[فَصْلٌ دِيَة الْإِصْبَع الزَّائِدَة]

(٦٩٥٢) فَصْلٌ: وَفِي الْإِصْبَعِ الزَّائِدَةِ حُكُومَةٌ. وَبِذَلِكَ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ فِيهَا ثُلُثَ دِيَةِ الْإِصْبَعِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، عَلَى رِوَايَةِ إيجَابِ الثُّلُثِ فِي الْيَدِ الشَّلَّاءِ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِالتَّوْقِيفِ، أَوْ بِمُمَاثَلَتِهِ لِمَا فِيهِ تَوْقِيفٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ هَاهُنَا، لِأَنَّ الْيَدَ الشَّلَّاءَ يَحْصُلُ بِهَا الْجَمَالُ، وَالْإِصْبَعُ الزَّائِدَةُ لَا جَمَالَ فِيهَا فِي الْغَالِبِ، وَلِأَنَّ جَمَالَ الْيَدِ الشَّلَّاءِ لَا يَكَادُ يَخْتَلِفُ، وَالْإِصْبَعُ الزَّائِدَةُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَحَالِّهَا وَصِفَتِهَا وَحُسْنِهَا وَقُبْحِهَا، فَكَيْفَ يَصِحُّ قِيَاسُهَا عَلَى الْيَدِ؟ ،.

[مَسْأَلَةٌ دِيَة الْبَطْنِ إذَا ضَرَبَ فَلَمْ يَسْتَمْسِك الْغَائِط]

(٦٩٥٣) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَفِي الْبَطْنِ إذَا ضُرِبَ فَلَمْ يَسْتَمْسِكْ الْغَائِطُ الدِّيَةُ، وَفِي الْمَثَانَةِ إذَا لَمْ يَسْتَمْسِكْ الْبَوْلُ الدِّيَةُ) وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَبُو حَنِيفَةَ. وَلَمْ أَعْلَمْ فِيهِ مُخَالِفًا، إلَّا أَنَّ ابْنَ أَبِي مُوسَى ذَكَرَ فِي الْمَثَانَةِ رِوَايَةً أُخْرَى، فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمَحَلَّيْنِ عُضْوٌ فِيهِ مَنْفَعَةٌ كَبِيرَةٌ، لَيْسَ فِي الْبَدَنِ مِثْلُهُ، فَوَجَبَ فِي تَفْوِيتِ مَنْفَعَتِهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، كَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ، فَإِنَّ نَفْعَ الْمَثَانَةِ حَبْسُ الْبَوْلِ، وَحَبْسُ الْبَطْنِ الْغَائِطَ مَنْفَعَةٌ مِثْلُهَا، وَالنَّفْعُ بِهِمَا كَثِيرٌ، وَالضَّرَرُ بِفَوَاتِهِمَا عَظِيمٌ، فَكَانَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الدِّيَةُ، كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ. وَإِنْ فَاتَتْ الْمَنْفَعَتَانِ بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ، وَجَبَ عَلَى الْجَانِي دِيَتَانِ، كَمَا لَوْ أَذْهَبَ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>