(٥٩٢٧) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: عَنَيْتُ بِقَوْلِي هَذَا، أَنَّكِ تَكُونِينَ طَالِقًا بِمَا أَوْقَعْتُهُ عَلَيْكِ. وَلَمْ أُرِدْ إيقَاعَ طَلَاقٍ سِوَى مَا بَاشَرْتُكِ بِهِ. دُيِّنَ.
وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا يُقْبَلُ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا تَعْلِيقٌ لِلطَّلَاقِ بِشَرْطِ الطَّلَاقِ، وَلِأَنَّ إخْبَارَهُ إيَّاهَا بِوُقُوعِ طَلَاقِهِ بِهَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي، يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ مَا قَالَهُ، فَقُبِلَ، كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ. وَقَالَ أَرَدْتُ بِالثَّانِي التَّأْكِيدَ أَوْ إفْهَامَهَا.
[فَصْلٌ قَالَ إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ]
(٥٩٢٨) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: إذَا طَلَّقْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِشَرْطٍ، مِثْلُ قَوْلِهِ: إنْ خَرَجْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَخَرَجَتْ، طَلَقَتْ بِخُرُوجِهَا، ثُمَّ طَلَقَتْ بِالصِّفَةِ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ طَلَّقَهَا بَعْدَ عَقْدِ الصِّفَةِ.
وَلَوْ قَالَ أَوَّلًا: إنْ خَرَجْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ قَالَ: إنْ طَلَّقْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَخَرَجَتْ، طَلَقَتْ بِالْخُرُوجِ، وَلَمْ تَطْلُقْ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِطَلَاقِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُحْدِثْ عَلَيْهَا طَلَاقًا؛ لِأَنَّ إيقَاعَهُ الطَّلَاقَ بِالْخُرُوجِ كَانَ قَبْلَ تَعْلِيقِهِ الطَّلَاقَ بِتَطْلِيقِهَا، فَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ، فَلَمْ يَقَعْ. وَإِنْ قَالَ: إنْ خَرَجْت فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ قَالَ: إنْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَخَرَجَتْ، طَلَقَتْ بِالْخُرُوجِ، ثُمَّ تَطْلُقُ الثَّانِيَةَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا، إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا.
[فَصْل قَالَ لَهَا كَلَّمَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ]
(٥٩٢٩) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ لَهَا: كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَهَذَا حَرْفٌ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ، فَإِذَا قَالَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ: أَنْتِ طَالِقٌ. وَقَعَ بِهَا طَلْقَتَانِ، إحْدَاهُمَا بِالْمُبَاشَرَةِ، وَالْأُخْرَى بِالصِّفَةِ. وَلَا تَقَعُ ثَالِثَةٌ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمْ تَقَعْ بِإِيقَاعِهِ بَعْدَ عَقْدِ الصِّفَةِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: كُلَّمَا طَلَّقْتُك. يَقْتَضِي كُلَّمَا أَوْقَعْتُ عَلَيْكِ الطَّلَاقَ. وَهَذَا يَقْتَضِي تَجْدِيدَ إيقَاعِ طَلَاقٍ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ، وَإِنَّمَا وَقَعَتْ الثَّانِيَةُ بِهَذَا الْقَوْلِ. وَإِنْ قَالَ لَهَا بَعْدَ عَقْدِ الصِّفَةِ: إنْ خَرَجْت فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَخَرَجَتْ، طَلَقَتْ بِالْخُرُوجِ طَلْقَةً، وَبِالصِّفَةِ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ طَلَّقَهَا، وَلَمْ تَقَعْ الثَّالِثَةُ. وَإِنْ قَالَ لَهَا: كُلَّمَا أَوْقَعْت عَلَيْكِ طَلَاقًا فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي هَذِهِ، أَنَّهُ إذَا وَقَعَ عَلَيْهَا طَلَاقُهُ بِصِفَةٍ عَقَدَهَا بَعْدَ قَوْلِهِ: إذَا أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقًا فَأَنْتِ طَالِقٌ. لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِيقَاعٍ مِنْهُ. وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّهُ قَدْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَيْهَا بِشَرْطٍ، فَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ فَهُوَ الْمُوقِعُ لِلطَّلَاقِ عَلَيْهَا، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ: إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ.
وَإِنْ قَالَ: كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ وَقَعَتْ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ بِالْمُبَاشَرَةِ، أَوْ بِصِفَةٍ عَقَدَهَا قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute