للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّأْدِيبُ لَا الْإِتْلَافُ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد، عَنْ «حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: أَنْ تُطْعِمَهَا إذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إذَا اكْتَسَيْت، وَلَا يُقَبِّحْ، وَلَا يَهْجُرْ إلَّا فِي الْبَيْتِ.» وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَجْلِدُ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ، ثُمَّ يُضَاجِعُهَا فِي آخِرِ الْيَوْمِ وَلَا يَزِيدُ فِي ضَرْبِهَا عَلَى عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا يَجْلِدْ أَحَدٌ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ، إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

[فَصْلٌ لَهُ تَأْدِيبُهَا عَلَى تَرْكِ فَرَائِضِ اللَّهِ]

(٥٧٤١) فَصْلٌ: وَلَهُ تَأْدِيبُهَا عَلَى تَرْكِ فَرَائِضِ اللَّهِ. وَسَأَلَ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ أَحْمَدَ عَمَّا يَجُوزُ ضَرْبُ الْمَرْأَةِ عَلَيْهِ، قَالَ: عَلَى تَرْكِ فَرَائِضِ اللَّهِ. وَقَالَ فِي الرَّجُلِ لَهُ امْرَأَةٌ لَا تُصَلِّي: يَضْرِبُهَا ضَرْبًا رَفِيقًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ. وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: ٦] قَالَ: عَلِّمُوهُمْ أَدِّبُوهُمْ. وَرَوَى أَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً عَلَّقَ فِي بَيْتِهِ سَوْطًا يُؤَدِّبُ أَهْلَهُ» .

فَإِنْ لَمْ تُصَلِّ فَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ أَخْشَى أَنْ لَا يَحِلَّ لِرَجُلِ أَنْ يُقِيمَ مَعَ امْرَأَةٍ لَا تُصَلِّي، وَلَا تَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَا تَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ. قَالَ أَحْمَدُ فِي الرَّجُلِ يَضْرِبُ امْرَأَتَهُ: لَا يَنْبَغِي لَأَحَدٍ أَنْ يَسْأَلَهُ وَلَا أَبُوهَا، لِمَ ضَرَبَهَا؟ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا مَا رَوَى «الْأَشْعَثُ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ يَا أَشْعَثُ، احْفَظْ عَنِّي شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا تَسْأَلْنَ رَجُلًا فِيمَا ضَرَبَ امْرَأَتَهُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَلِأَنَّهُ قَدْ يَضْرِبُهَا لِأَجْلِ الْفِرَاشِ، فَإِنْ أَخْبَرَ بِذَلِكَ اسْتَحْيَا، وَإِنْ أَخْبَرَ بِغَيْرِهِ كَذَبَ.

[فَصْلٌ خَافِتِ الْمَرْأَةُ نُشُوزَ زَوْجِهَا وَإِعْرَاضَهُ عَنْهَا]

(٥٧٤٢) فَصْلٌ: وَإِذَا خَافَتْ الْمَرْأَةُ نُشُوزَ زَوْجِهَا وَإِعْرَاضَهُ عَنْهَا، لِرَغْبَةٍ عَنْهَا، إمَّا لِمَرَضٍ بِهَا، أَوْ كِبَرٍ، أَوْ دَمَامَةٍ، فَلَا بَأْسَ أَنْ تَضَعَ عَنْهُ بَعْضَ حُقُوقِهَا تَسْتَرْضِيهِ بِذَلِكَ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا} [النساء: ١٢٨] رَوَى الْبُخَارِيُّ، عَنْ عَائِشَةَ {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: ١٢٨] قَالَتْ: هِيَ الْمَرْأَةُ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ، لَا يَسْتَكْثِرُ مِنْهَا، فَيُرِيدُ طَلَاقَهَا، وَيَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا، فَتَقُولُ لَهُ أَمْسِكْنِي، وَلَا تُطَلِّقْنِي، ثُمَّ تَزَوَّجْ غَيْرِي، فَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَيَّ، وَالْقِسْمَةِ لِي.

وَعَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ، حِينَ أَسَنَّتْ، وَفَرَّقَتْ أَنْ يُفَارِقَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَوْمِي لِعَائِشَةَ. فَقَبِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا.» قَالَتْ: وَفِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>