وَلَنَا، أَنَّهُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ تَلْزَمُ فِطْرَتُهُ شَخْصَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْفِطْرَةِ، فَكَانَتْ فِطْرَتُهُ عَلَيْهِمَا كَالْمُشْتَرَكِ، ثُمَّ هَلْ يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاعٌ أَوْ بِالْحِصَصِ؟ يَنْبَنِي عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُعْسِرًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْآخَرِ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ السَّيِّدِ مُهَايَأَةٌ أَوْ كَانَ الْمُشْتَرِكُونَ فِي الْعَبْدِ قَدْ تَهَايَئُوا عَلَيْهِ، لَمْ تَدْخُلْ الْفِطْرَةُ فِي الْمُهَايَأَةِ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ مُعَاوَضَةُ كَسْبٍ بِكَسْبٍ؛ وَالْفِطْرَةُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، فَلَا تَدْخُلُ فِي ذَلِكَ، كَالصَّلَاةِ.
(١٩٨٦) فَصْلٌ: وَلَوْ أَلْحَقَتْ الْقَافَةُ وَلَدًا بِرَجُلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، فَالْحُكْمُ فِي فِطْرَتِهِ كَالْحُكْمِ فِي الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ. وَلَوْ أَنَّ شَخْصًا حُرًّا لَهُ قَرِيبَانِ فَأَكْثَرُ عَلَيْهِمْ نَفَقَتُهُ بَيْنَهُمْ، كَانَتْ فِطْرَتُهُ عَلَيْهِمْ، كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ، عَلَى مَا ذُكِرَ فِيهِ.
[مَسْأَلَةُ يُعْطِي صَدَقَةَ الْفِطْرِ لِمَنْ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ صَدَقَةَ الْأَمْوَالِ]
(١٩٨٧) مَسْأَلَةٌ:
قَالَ وَيُعْطِي صَدَقَةَ الْفِطْرِ لِمَنْ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ صَدَقَةَ الْأَمْوَالِ إنَّمَا كَانَتْ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ زَكَاةٌ، فَكَانَ مَصْرِفُهَا مَصْرِفَ سَائِرِ الزَّكَوَاتِ، وَلِأَنَّهَا صَدَقَةٌ، فَتَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: ٦٠] الْآيَة. وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى مَنْ لَا يَجُوزُ دَفْعُ زَكَاةِ الْمَالِ إلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى ذِمِّيٍّ. وَبِهَذَا
قَالَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ.
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، وَعَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلِ، وَمُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، أَنَّهُمْ كَانُوا يُعْطُونَ مِنْهَا الرُّهْبَانَ. وَلَنَا، أَنَّهَا زَكَاةٌ، فَلَمْ يَجُزْ دَفْعُهَا إلَى غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ، كَزَكَاةِ الْمَالِ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ زَكَاةَ الْمَالِ لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنْ لَا يُجْزِئَ أَنْ يُعْطَى مِنْ زَكَاةِ الْمَالِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّة. (١٩٨٨) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ أَقَارِبِهِ مِنْ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ، وَلَا يُعْطِي مِنْهَا غَنِيًّا، وَلَا ذَا قُرْبَى،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute