للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْل سَرَقَ الْمُسْتَأْمَنُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ]

(٧٤٨٧) فَصْل وَإِذَا سَرَقَ الْمُسْتَأْمَنُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، أَوْ قَتَلَ، أَوْ غَصَبَ، ثُمَّ عَادَ إلَى وَطَنِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ خَرَجَ مُسْتَأْمِنًا مَرَّةً ثَانِيَةً، اُسْتُوْفِيَ مِنْهُ مَا لَزِمَهُ فِي أَمَانِهِ الْأَوَّلِ. وَإِنْ اشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا، فَخَرَجَ بِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ قُدِرَ عَلَيْهِ، لَمْ يُغْنَمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ مِلْكُهُ عَلَيْهِ، لِكَوْنِ الشِّرَاءِ بَاطِلًا، وَيَرُدُّ بَائِعُهُ الثَّمَنَ إلَى الْحَرْبِيِّ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِي أَمَانٍ، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ تَالِفًا، فَعَلَى الْحَرْبِيِّ قِيمَتُهُ، وَيَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ.

[فَصْل دَخَلَتْ الْحَرْبِيَّةُ إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَتَزَوَّجَتْ ذِمِّيًّا فِي دَرَانَا]

فَصْلٌ: وَإِذَا دَخَلَتْ الْحَرْبِيَّةُ إلَيْنَا بِأَمَانٍ، فَتَزَوَّجَتْ ذِمِّيًّا فِي دَارِنَا، ثُمَّ أَرَادَتْ الرُّجُوعَ، لَمْ تُمْنَعْ، إذَا رَضِيَ زَوْجُهَا أَوْ فَارَقَهَا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، تُمْنَعُ. وَلَنَا، أَنَّهُ عَقْدٌ لَا يَلْزَمُ الرَّجُلَ الْمُقَامُ بِهِ، فَلَا يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ كَعَقْدِ الْإِجَارَةِ.

[مَسْأَلَة طَلَبَ الْأَمَانَ لِيَفْتَحَ الْحِصْنَ]

(٧٤٨٩) مَسْأَلَة قَالَ: (وَمَنْ طَلَبَ الْأَمَانَ لِيَفْتَحَ الْحِصْنَ، فَفَعَلَ، فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: أَنَا الْمُعْطِي. لَمْ يُقْتَلْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ إذَا حَصَرُوا حِصْنًا، فَنَادَاهُمْ رَجُلٌ: آمِنُونِي أَفْتَحْ لَكُمْ الْحِصْنَ. جَازَ أَنْ يُعْطُوهُ أَمَانًا؛ فَإِنَّ زِيَادَ بْنَ لَبِيدٍ لَمَّا حُصِرَ النُّجَيْرُ، قَالَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: أَعْطُونِي الْأَمَانَ لِعَشَرَةٍ، أَفْتَحْ لَكُمْ الْحِصْنَ. فَفَعَلُوا.

فَإِنْ أَشْكَلَ الَّذِي أَعْطَى الْأَمَانَ، وَادَّعَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْحِصْنِ، فَإِنْ عُرِفَ صَاحِبُ الْأَمَانِ، عُمِلَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ، لَمْ يَجُزْ قَتْلُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَحْتَمِلُ صِدْقُهُ، وَقَدْ اشْتَبَهَ الْمُبَاحُ بِالْمُحَرَّمِ فِيمَا لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ، فَحَرُمَ الْكُلُّ، كَمَا لَوْ اشْتَبَهَتْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّاةِ، أَوْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ، أَوْ اشْتَبَهَ زَانٍ مُحْصَنٌ بِرِجَالٍ مَعْصُومِينَ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَفِي اسْتِرْقَاقِهِمْ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يَحْرُمُ. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ عَلَيْهِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْقَتْلِ، فَإِنَّ اسْتِرْقَاقَ مَنْ لَا يَحِلُّ اسْتِرْقَاقُهُ مُحَرَّمٌ.

وَالثَّانِي، يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ، فَيَخْرُجُ صَاحِبُ الْأَمَانِ بِالْقُرْعَةِ، وَيَسْتَرِقُّ الْبَاقُونَ. قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ غَيْرُ مَعْلُومٍ، فَيُقْرَعُ بَيْنَهُمْ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ وَأَشْكَلَ، وَيُخَالِفُ الْقَتْلَ، فَإِنَّهُ إرَاقَةُ دَمٍ تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ، بِخِلَافِ الرِّقِّ، وَلِهَذَا يُمْنَعُ الْقَتْلُ فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ دُونَ الِاسْتِرْقَاقِ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إذَا أَسْلَمَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْحِصْنِ قَبْلَ فَتْحِهِ، أَشْرَفَ عَلَيْنَا، ثُمَّ أَشْكَلَ، فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ الَّذِي أَسْلَمَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>