النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الثُّلُثُ كَثِيرٌ.
فَفِي مَا دُونَهُ يَبْقَى عَلَى قَضِيَّةِ الْأَصْلِ وَمُقْتَضَى الدَّلِيلِ، وَهَذَا حُجَّةٌ عَلَى الزُّهْرِيِّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ الثُّلُثَ كَثِيرًا، فَأَمَّا دِيَةُ الْجَنِينِ، فَلَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ، إلَّا إذَا مَاتَ مَعَ أُمِّهِ مِنْ الضَّرْبَةِ؛ لِكَوْنِ دِيَتِهِمَا، جَمِيعًا مُوجَبُ جِنَايَةٍ، تَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ، وَإِنْ سَلَّمْنَا وُجُوبَهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ فَلِأَنَّهَا دِيَةُ آدَمِيٍّ كَامِلَةٌ.
[فَصْلٌ تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ دِيَةَ الطَّرَفِ إذَا بَلَغَ الثُّلُثَ]
(٦٨٠١) فَصْلٌ: وَتَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ دِيَةَ الطَّرَفِ إذَا بَلَغَ الثُّلُثَ. وَهُوَ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذَا. وَحُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْقَدِيمِ: لَا تَحْمِلُ مَا دُونَ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَجْرِي مَجْرَى ضَمَانِ الْأَمْوَالِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا تَجِبُ فِيهِ كَفَّارَةٌ.
وَلَنَا قَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ دِيَةُ جِنَايَةٍ عَلَى حُرٍّ تَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ فَحَمَلَتْهَا الْعَاقِلَةُ، كَدِيَةِ النَّفْسِ، وَلِأَنَّهُ كَثِيرٌ يَجِبُ ضَمَانًا لَحُرٍّ أَشْبَهَ مَا ذَكَرْنَا. وَمَا ذَكَرَهُ يَبْطُلُ بِمَا إذَا جَنَى عَلَى الْأَطْرَافِ بِمَا يُوجِبُ الدِّيَةَ، أَوْ زِيَادَةً عَلَيْهَا.
[فَصْلٌ تَحْمِل الْعَاقِلَة دِيَة الْمَرْأَة]
(٦٨٠٢) فَصْلٌ: وَتَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ دِيَةَ الْمَرْأَةِ. بِغَيْرِ خِلَافٍ بَيْنَهُمْ فِيهَا. وَتَحْمِلُ مِنْ جِرَاحِهَا مَا بَلَغَ أَرْشُهُ ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ كَدِيَةِ أَنْفِهَا، وَمَا دُونَ ذَلِكَ كَدِيَةِ يَدِهَا، لَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي دِيَةِ الْكِتَابِيِّ. وَلَا تَحْمِلُ دِيَةَ الْمَجُوسِيِّ؛ لِأَنَّهَا دُونَ الثُّلُثِ، وَلَا دِيَةَ الْجَنِينِ إنَّ مَاتَ مُنْفَرِدًا، أَوْ مَاتَ قَبْلَ مَوْتِ أُمِّهِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ لِأَنَّهُ دُونَ الثُّلُثِ. وَإِنْ مَاتَ مَعَ أُمِّهِ، حَمَلَتْهُمَا الْعَاقِلَةُ. نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ دِيَتِهِمَا حَصَلَ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ، بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ، مَعَ زِيَادَتِهِمَا عَلَى الثُّلُثِ، فَحَمَلَتْهُمَا الْعَاقِلَةُ كَالدِّيَةِ الْوَاحِدَةِ.
[فَصْلٌ كَانَ الْجَانَّيْ ذِمِّيًّا فَعَقَلَتْهُ عَلَى مِنْ]
(٦٨٠٣) فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ الْجَانِي ذِمِّيًّا، فَعَقْلُهُ عَلَى عَصَبَتِهِ مِنْ أَهْلِ دِيَتِهِ الْمُعَاهَدِينَ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَفِي الْأُخْرَى، لَا يَتَعَاقَلُونَ؛ لِأَنَّ الْمُعَاقَلَةَ تَثْبُتُ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، تَخْفِيفًا عَنْهُ، وَمَعُونَةً لَهُ، فَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْكَافِرُ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ أَعْظَمُ حُرْمَةً، وَأَحَقُّ بِالْمُوَاسَاةِ وَالْمَعُونَةِ مِنْ الذِّمِّيِّ، وَلِهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute