للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَقُولُ لَهُ الْحَاكِمُ: إنْ أَجَبْت، وَإِلَّا جَعَلْتُك نَاكِلًا، وَحَكَمْت عَلَيْك. وَيُكَرِّرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَجَابَ وَإِلَّا جَعَلَهُ نَاكِلًا، وَحَكَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نَاكِلٌ عَمَّا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْجَوَابُ فِيهِ، فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ عَنْهُ، كَالْيَمِينِ.

[مَسْأَلَةٌ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَالْأَمِيرِ إلَى الْأَمِيرِ]

(٨٢٧٨) مَسْأَلَةٌ، قَالَ: وَإِذَا حَكَمَ عَلَى رَجُلٍ فِي عَمَلِ غَيْرِهِ فَكَتَبَ بِإِنْفَاذِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ إلَى قَاضِي ذَلِكَ الْبَلَدِ، قَبِلَ كِتَابَهُ، وَأَخَذَ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْحَقِّ ثُمَّ الْأَصْلُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَالْأَمِيرِ إلَى الْأَمِيرِ، الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ؛ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} [النمل: ٢٩] {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [النمل: ٣٠] {أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل: ٣١] .

وَأَمَّا السُّنَّةُ، «فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ إلَى كِسْرَى، وَقَيْصَرَ، وَالنَّجَاشِيِّ، وَمُلُوكِ الْأَطْرَافِ، وَكَانَ يَكْتُبُ إلَى وُلَاتِهِ، وَيَكْتُبُ لِعُمَّالِهِ وَسُعَاتِهِ، وَكَانَ فِي كِتَابِهِ إلَى قَيْصَرَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، إلَى قَيْصَرَ عَظِيمِ الرُّومِ، أَمَّا بَعْدُ، فَأَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِك اللَّهُ أَجْرًا عَظِيمًا، فَإِنْ تَوَلَّيْت، فَإِنَّ عَلَيْك إثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ، وَ {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: ٦٤] » .

وَرَوَى الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ «كَتَبَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنْ وَرِّثْ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا» . وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي. وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى قَبُولِهِ دَاعِيَةٌ، فَإِنَّ مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي بَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِهِ، وَلَا يُمْكِنُهُ إتْيَانُهُ، وَالْمُطَالَبَةُ بِهِ، إلَّا بِكِتَابِ الْقَاضِي، فَوَجَبَ قَبُولُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>