للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب ما يبطل الصلاة إذا تركه عامدا أو ساهيا]

رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ فَرَجَعَ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ ارْجِعْ فَصَلِّ؛ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ ثَلَاثًا فَقَالَ: وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِي. قَالَ: إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ زَادَ مُسْلِمٌ «إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغْ الْوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ.» (٨٨٣)

[مَسْأَلَةٌ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ وَهُوَ إمَامٌ أَوْ مُنْفَرِدٌ]

(٨٨٥) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَمَنْ تَرَكَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ، أَوْ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ - وَهُوَ إمَامٌ أَوْ مُنْفَرِدٌ -، أَوْ الرُّكُوعَ، أَوْ الِاعْتِدَالَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، أَوْ السُّجُودَ، أَوْ الِاعْتِدَالَ بَعْدَ السُّجُودِ، أَوْ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ، أَوْ السَّلَامَ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَشْرُوعَ فِي الصَّلَاةِ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ: وَاجِبٍ، وَمَسْنُونٍ، فَالْوَاجِبُ نَوْعَانِ؛ أَحَدُهُمَا، لَا يَسْقُطُ فِي الْعَمْدِ وَلَا فِي السَّهْوِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْخِرَقِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ: تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ لِلْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ، وَالْقِيَامُ، وَالرُّكُوعُ حَتَّى يَطْمَئِنَّ، وَالِاعْتِدَالُ عَنْهُ حَتَّى يَطْمَئِنَّ، وَالسُّجُودُ حَتَّى يَطْمَئِنَّ، وَالِاعْتِدَالُ عَنْهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى يَطْمَئِنَّ؛ وَالتَّشَهُّدُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ، وَالْجُلُوسُ لَهُ، وَالسَّلَامُ، وَتَرْتِيبُ الصَّلَاةِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.

فَهَذِهِ تُسَمَّى أَرْكَانًا لِلصَّلَاةِ لَا تَسْقُطُ فِي عَمْدٍ وَلَا سَهْوٍ. وَفِي وُجُوبِ بَعْضِ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا مَضَى. وَقَدْ دَلَّ عَلَى وُجُوبِهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ الْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ. فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: لَمْ تُصَلِّ وَأَمَرَهُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ، فَلَمَّا سَأَلَهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ عَلَّمَهُ هَذِهِ الْأَفْعَالَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُصَلِّيًا بِدُونِهَا. وَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِالسَّهْوِ؛ فَإِنَّهَا لَوْ سَقَطَتْ بِالسَّهْوِ، لَسَقَطَتْ عَنْ الْأَعْرَابِيِّ لِكَوْنِهِ جَاهِلًا بِهَا. وَالْجَاهِلُ كَالنَّاسِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>