وَلَنَا، أَنَّ الْجَدَّ يُدْلِي بِوَاسِطَةٍ، فَأَشْبَهَ الْأَخَ وَالْعَمَّ وَفَارَقَ الْأَبَ، فَإِنَّهُ يُدْلِي بِنَفْسِهِ، وَيَحْجُبُ الْجَدَّ، وَيُخَالِفُهُ فِي مِيرَاثِهِ وَحَجْبِهِ، فَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُهُ بِهِ، وَلَا قِيَاسُهُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا تَلِي؛ لِأَنَّهَا قَاصِرَةٌ لَا تَلِي النِّكَاحَ بِحَالٍ، فَلَا تَلِي مَالَ غَيْرِهَا، كَالْعَبْدِ، وَلِأَنَّهَا لَا تَلِي بِوِلَايَةِ الْقَضَاءِ، فَكَذَلِكَ بِالنَّسَبِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلٍ، ثُمَّ أَوْصَى إلَى آخَرَ، فَهُمَا وَصِيَّانِ، إلَّا أَنْ يَقُولَ: قَدْ أَخْرَجْت الْأَوَّلَ أَوْ قَدْ عَزَلْته؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِيمَا إذَا أَوْصَى بِجَارِيَةٍ لِبِشْرٍ، ثُمَّ أَوْصَى بِهَا لَبَكْرٍ. وَلِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَتْ الْوَصِيَّةُ إلَيْهِمَا مِنْ غَيْرِ عَزْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَكَانَا وَصِيَّيْنِ، كَمَا لَوْ أَوْصَى إلَيْهِمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً. فَأَمَّا إنْ أَخْرَجَ الْأَوَّلَ انْعَزَلَ، وَكَانَ الثَّانِي هُوَ الْوَصِيَّ، كَمَا لَوْ عَزَلَهُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ إلَى الثَّانِي.
[فَصْلٌ يُوصِي إلَى رَجُلٍ بِشَيْءِ دُونَ شَيْءٍ]
(٤٧٧١) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ أَنْ يُوصِيَ إلَى رَجُلٍ بِشَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ، مِثْلُ أَنْ يُوصِيَ إلَى إنْسَانٍ بِتَفْرِيقِ وَصِيَّتِهِ دُونَ غَيْرِهَا، أَوْ بِقَضَاءِ دُيُونِهِ، أَوْ بِالنَّظَرِ فِي أَمْرِ أَطْفَالِهِ حَسْبُ، فَلَا يَكُونُ لَهُ غَيْرُ مَا جَعَلَ إلَيْهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُوصِيَ إلَى إنْسَانٍ بِتَفْرِيقِ وَصِيَّتِهِ، وَإِلَى آخَرَ بِقَضَاءِ دُيُونِهِ، وَإِلَى آخَرَ بِالنَّظَرِ فِي أَمْرِ أَطْفَالِهِ، فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا جَعَلَ إلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ. وَمَتَى أَوْصَى إلَيْهِ بِشَيْءٍ، لَمْ يَصِرْ وَصِيًّا فِي غَيْرِهِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَصِيرُ وَصِيًّا فِي كُلِّ مَا يَمْلِكُهُ الْوَصِيُّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ وِلَايَةٌ تَنْتَقِلُ مِنْ الْأَبِ بِمَوْتِهِ، فَلَا تَتَبَعَّضُ، كَوِلَايَةِ الْجَدِّ. وَلَنَا، أَنَّهُ اسْتَفَادَ التَّصَرُّفَ بِالْإِذْنِ مِنْ جِهَةِ الْآدَمِيِّ، فَكَانَ مَقْصُورًا عَلَى مَا أُذِنَ فِيهِ، كَالْوَكِيلِ، وَوِلَايَةُ الْجَدِّ مَمْنُوعَةٌ. ثُمَّ تِلْكَ وِلَايَةٌ اسْتَفَادَهَا بِقَرَابَتِهِ، وَهِيَ لَا تَتَبَعَّضُ، وَالْإِذْنُ يَتَبَعَّضُ، فَافْتَرَقَا.
[فَصْل يُوصِيَ إلَى رَجُلَيْنِ مَعًا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ وَيَجْعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفَ مُنْفَرِدًا]
(٤٧٧٢) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ أَنْ يُوصِيَ إلَى رَجُلَيْنِ مَعًا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَيَجْعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفَ مُنْفَرِدًا، فَيَقُولَ: أَوْصَيْت إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالتَّصَرُّفِ. لِأَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَصِيًّا مُنْفَرِدًا، وَهَذَا يَقْتَضِي تَصَرُّفَهُ عَلَى الِانْفِرَادِ. وَلَهُ أَنْ يُوصِيَ إلَيْهِمَا لِيَتَصَرَّفَا مُجْتَمِعَيْنِ، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ إلَيْهِ، وَلَمْ يَرْضَ بِنَظَرِهِ وَحْدَهُ. وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ لَا أَعْلَمُ فِيهِمَا خِلَافًا. وَإِنْ أَطْلَقَ، فَقَالَ: أَوْصَيْت إلَيْكُمَا فِي كَذَا. فَلَيْسَ لَأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ. وَبِهِ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute