سَهْمَهُ، حَتَّى يَرْمِيَ الْآخَرُ. وَإِنْ رَمَيَا بِسَهْمَيْنِ سَهْمَيْنِ، فَحَسَنٌ، وَهُوَ الْعَادَةُ بَيْنَ الرُّمَاةِ فِيمَا رَأَيْنَا.
وَإِنْ اشْتَرَطَا أَنْ يَرْمِيَ أَحَدُهُمَا رَشْقًا، ثُمَّ يَرْمِيَ الْآخَرُ، أَوْ يَرْمِيَ أَحَدُهُمَا عَدَدًا، ثُمَّ يَرْمِيَ الْآخَرُ مِثْلَهُ، جَازَ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُؤَثِّرُ فِي مَقْصُودِ الْمُنَاضَلَةِ، وَإِنْ خَالَفَ مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَطَ فِي الْبَيْعِ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْإِطْلَاقُ مِنْ النُّقُودِ وَالْخِيَارِ وَالْأَجَلِ لِمَا كَانَ غَيْرَ مَانِعٍ مِنْ الْمَقْصُودِ.
[فَصْلٌ شَرَطَا أَنْ يَرْمِيَا أَرْشَاقًا كَثِيرَةً]
(٧٩٢١) فَصْلٌ: وَإِنْ شَرَطَا أَنْ يَرْمِيَا أَرْشَاقًا كَثِيرَةً، جَازَ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ عَلَى الْقَلِيلِ، جَازَ عَلَى الْكَثِيرِ، وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً. ثُمَّ إنْ شَرَطَا أَنْ يَرْمِيَا مِنْهَا كُلَّ يَوْمٍ قَدْرًا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، جَازَ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ فِي هَذَا صَحِيحٌ، فَإِنَّهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا قَدْ يَضْعُفُ عَنْ الرَّمْيِ كُلِّهِ مَعَ حِذْقِهِ. وَإِنْ أَطْلَقَا الْعَقْدَ، جَازَ وَحُمِلَ عَلَى التَّعْجِيلِ وَالْحُلُولِ، كَسَائِرِ الْعُقُودِ، فَيَرْمِيَانِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ، إلَّا أَنْ يَعْرِضَ عُذْرٌ يَمْنَعُ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ رِيحٍ أَوْ تَشَوُّشِ السِّهَامِ، أَوْ لِحَاجَتِهِ إلَى طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ قَضَاءِ حَاجَةٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ بِالْعُرْفِ، وَكَذَلِكَ الْمَطَرُ فَإِنَّهُ يُرْخِي الْوَتَرَ، وَيُفْسِدُ الرَّشْقَ إذَا جَاءَ اللَّيْلُ تَرَكَاهُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَرْكُ الرَّمْيِ بِاللَّيْلِ، فَحُمِلَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ مَعَ الْإِطْلَاقِ، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَا الرَّمْيَ لَيْلًا، فَيَأْخُذَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِذَلِكَ.
فَإِنْ كَانَتْ اللَّيْلَةُ مُقْمِرَةً، مُنِيرَةً، اُكْتُفِيَ بِذَلِكَ، وَإِلَّا رَمَيَا فِي ضَوْءِ شَمْعَةٍ أَوْ مِشْعَلٍ. وَإِنْ عَرَضَ عَارِضٌ يَمْنَعُ الرَّمْيَ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، أَوْ كُسِرَ قَوْسٌ، أَوْ قُطِعَ وَتَرٌ، أَوْ انْكَسَرَ سَهْمٌ، جَازَ إبْدَالُهُ. فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ، أُخِّرَ الرَّمْيُ حَتَّى يَزُولَ الْعَارِضُ.
[فَصْلٌ أَرَادَ أَحَدُهُمَا فِي السَّبَقِ التَّطْوِيلَ وَالتَّشَاغُلَ عَنْ الرَّمْيِ بِمَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ]
(٧٩٢٢) فَصْلٌ: فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا التَّطْوِيلَ، وَالتَّشَاغُلَ عَنْ الرَّمْيِ بِمَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، مِنْ مَسْحِ الْقَوْسِ وَالْوَتَرِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، إرَادَةَ التَّطْوِيلِ عَلَى صَاحِبِهِ، لَعَلَّهُ يَنْسَى الْقَصْدَ الَّذِي أَصَابَ بِهِ، أَوْ يَفْتُرُ، مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ، وَطُولِبَ بِالرَّمْيِ، وَلَا يُدْهَشُ بِالِاسْتِعْجَالِ بِالْكُلِّيَّةِ، بِحَيْثُ يُمْنَعُ مِنْ تَحَرِّي الْإِصَابَةِ. وَيُمْنَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْكَلَامِ الَّذِي يَغِيظُ بِهِ صَاحِبَهُ، مِثْلُ أَنْ يَرْتَجِزَ، وَيَفْتَخِرَ، وَيَتَبَجَّحَ بِالْإِصَابَةِ، وَيُعَنِّفَ صَاحِبَهُ عَلَى الْخَطَأِ، أَوْ يُظْهِرَ لَهُ أَنَّهُ يُعَلِّمُهُ. وَهَكَذَا الْحَاضِرُ مَعَهُمَا، مِثْلُ الْأَمِيرِ وَالشَّاهِدَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، يُكْرَهُ لَهُمْ مَدْحُ الْمُصِيبِ، وَزَهْزَهَتُهُ، وَتَعْنِيفُ الْمُخْطِئِ وَزَجْرُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ كَسْرَ قَلْبِ أَحَدِهِمَا وَغَيْظَهُ.
[فَصْل تَشَاحَّا فِي مَوْضِعِ الْوُقُوفِ الْمُتَسَابِقِينَ]
(٧٩٢٣) فَصْلٌ: وَإِذَا تَشَاحَّا فِي مَوْضِعِ الْوُقُوفِ، فَإِنْ كَانَ مَا طَلَبَهُ أَحَدُهُمَا أَوْلَى، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِ الْمَوْقِفَيْنِ يَسْتَقْبِلُ الشَّمْسَ، أَوْ رِيحًا يُؤْذِيهِ اسْتِقْبَالُهَا، وَنَحْو ذَلِكَ، وَالْآخَرُ يَسْتَدْبِرُهَا، قُدِّمَ قَوْلُ مَنْ طَلَبَ اسْتِدْبَارَهَا؛ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي شَرْطِهِمَا اسْتِقْبَالُ ذَلِكَ، فَالشَّرْطُ أَمْلَكُ، كَمَا قُلْنَا فِي الرَّمْيِ لَيْلًا. وَإِنْ كَانَ الْمَوْقِفَانِ سَوَاءً، كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute