للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَفَعَلَتْ ذَلِكَ، فَلَمْ تُصَلِّ حَتَّى خَرَجَتْ» .

وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ، وَيَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ الطَّائِفُونَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَإِنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهُمَا وَالطَّوَافُ بَيْنَ يَدَيْهِ، لَيْسَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ» . وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُصَلِّي وَالطَّوَافُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَتَمُرُّ الْمَرْأَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيَنْتَظِرُهَا حَتَّى تَرْفَعَ رِجْلَهَا، ثُمَّ يَسْجُدُ. وَكَذَلِكَ سَائِرُ الصَّلَوَاتِ فِي مَكَّةَ، لَا يُعْتَبَرُ لَهَا سُتْرَةٌ. وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ.

[فَصْل رَكْعَتَا الطَّوَافِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ]

(٢٤٧٢) فَصْلٌ: وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ غَيْرُ وَاجِبَةٍ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ. وَلِلشَّافِعِي قَوْلَانِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنَّهُمَا وَاجِبَتَانِ؛ لِأَنَّهُمَا تَابِعَتَانِ لِلطَّوَافِ، فَكَانَتَا وَاجِبَتَيْنِ، كَالسَّعْيِ.

وَلَنَا، قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعَبْدِ، مَنْ حَافَظَ عَلَيْهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ» . وَهَذِهِ لَيْسَتْ مِنْهَا «. وَلَمَّا سَأَلَ الْأَعْرَابِيُّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْفَرَائِضِ، ذَكَرَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، قَالَ: فَهَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا، إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» . وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ لَمْ تُشْرَعْ لَهَا جَمَاعَةٌ، فَلَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً، كَسَائِرِ النَّوَافِلِ، وَالسَّعْيُ مَا وَجَبَ لِكَوْنِهِ تَابِعًا، وَلَا هُوَ مَشْرُوعٌ مَعَ كُلِّ طَوَافٍ.

وَلَوْ طَافَ الْحَاجُّ طَوَافًا كَثِيرًا، لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إلَّا سَعْيٌ وَاحِدٌ، فَإِذَا أَتَى بِهِ مَعَ طَوَافِ الْقُدُومِ، لَمْ يَأْتِ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، بِخِلَافِ الرَّكْعَتَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يُشْرَعَانِ عَقِيبَ كُلِّ طَوَافٍ.

[فَصْل إذَا صَلَّى الْمَكْتُوبَةَ بَعْدَ طَوَافِهِ]

(٢٤٧٣) فَصْلٌ: وَإِذَا صَلَّى الْمَكْتُوبَةَ بَعْدَ طَوَافِهِ، أَجْزَأَتْهُ عَنْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ. رُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءٍ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَالْحَسَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَإِسْحَاقَ.

وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ بَعْدِ الْمَكْتُوبَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ: هُوَ أَقْيَسُ. وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ، فَلَمْ تُجْزِ عَنْهَا الْمَكْتُوبَةُ، كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ. وَلَنَا، أَنَّهُمَا رَكْعَتَانِ شُرِعَتَا لِلنُّسُكِ، فَأَجْزَأَتْ عَنْهُمَا الْمَكْتُوبَةُ، كَرَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ.

[فَصْل الطَّوَافَ يَجْرِي مَجْرَى الصَّلَاةِ]

(٢٤٧٤) فَصْلٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْأَسَابِيعِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا رَكَعَ لِكُلِّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ، فَعَلَ ذَلِكَ عَائِشَةُ، وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَإِسْحَاقُ. وَكَرِهَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَالْحَسَنُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَفْعَلْهُ، وَلِأَنَّ تَأْخِيرَ الرَّكْعَتَيْنِ عَنْ طَوَافِهِمَا يُخِلُّ بِالْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا.

وَلَنَا، أَنَّ الطَّوَافَ يَجْرِي مَجْرَى الصَّلَاةِ، يَجُوزُ جَمْعُهَا وَيُؤَخِّرُ مَا بَيْنَهُمَا، فَيُصَلِّيهَا بَعْدَهَا، كَذَلِكَ هَاهُنَا، وَكَوْنُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَفْعَلْهُ لَا يُوجِبُ كَرَاهَةً، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَطُفْ أُسْبُوعَيْنِ وَلَا ثَلَاثَةً،

<<  <  ج: ص:  >  >>