[فَصْل تَعْجِيل الزَّكَاة لِأَكْثَر مِنْ حَوْل]
(١٧٥٠) فَصْلٌ: إذَا عَجَّلَ الزَّكَاةَ لِأَكْثَرَ مِنْ حَوْلٍ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا، لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يَرِدْ بِتَعْجِيلِهَا لِأَكْثَرَ مِنْ حَوْلٍ. وَالثَّانِيَةُ، يَجُوزُ. وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُخْرِجَ الرَّجُلُ زَكَاةَ مَالِهِ قَبْلَ حِلِّهَا لِثَلَاثِ سِنِينَ؛ لِأَنَّهُ تَعْجِيلٌ لَهَا بَعْدَ وُجُودِ النِّصَابِ، أَشْبَهَ تَقْدِيمَهَا عَلَى الْحَوْلِ الْوَاحِدِ. وَمَا لَمْ يَرِدْ بِهِ النَّصُّ يُقَاسُ عَلَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ، وَلَا نَعْلَمُ لَهُ مَعْنًى سِوَى أَنَّهُ تَقْدِيمٌ لِلْمَالِ الَّذِي وُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ عَلَى شَرْطِ وُجُوبِهِ، وَهَذَا مُتَحَقِّقٌ فِي التَّقْدِيمِ فِي الْحَوْلَيْنِ، كَتَحَقُّقِهِ فِي الْحَوْلِ الْوَاحِدِ.
فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ عِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ النِّصَابِ، فَعَجَّلَ زَكَاتَهُ لِحَوْلَيْنِ، جَازَ. وَإِنْ كَانَ قَدْرُ النِّصَابِ مِثْلَ مَنْ عِنْدَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً فَعَجَّلَ شَاتَيْنِ لِحَوْلَيْنِ وَكَانَ الْمُعَجِّلُ مِنْ غَيْرِهِ جَازَ وَإِنْ أَخْرَجَ شَاةً مِنْهُ وَشَاةً مِنْ غَيْرِهِ جَازَ عَنْ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَجُزْ عَنْ الثَّانِي لِأَنَّ النِّصَابَ نَقَصَ فَإِنْ كَمَلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَصَارَ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ وَتَعْجِيلُهُ لَهَا قَبْلَ كَمَالِ نِصَابِهَا وَإِنْ أَخْرَجَ الشَّاتَيْنِ جَمِيعًا مِنْ النِّصَابِ لَمْ تَجُزْ الزَّكَاةُ فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ إذَا قُلْنَا لَيْسَ لَهُ ارْتِجَاعُ مَا عَجَّلَهُ لِأَنَّهُ كَالتَّالِفِ فَيَكُونُ النِّصَابُ نَاقِصًا فَإِنْ كَمَلَ بَعْدَ ذَلِكَ اُسْتُؤْنِفَ الْحَوْلُ مِنْ حِينِ كَمَلَ النِّصَابُ وَكَانَ مَا عَجَّلَهُ سَابِقًا عَلَى كَمَالِ النِّصَابِ فَلَمْ يَجُزْ عَنْهُ.
[فَصْل عَجَّلَ زَكَاة مَاله فَحَال الْحَوْل وَالنِّصَاب نَاقِص]
(١٧٥١) فَصْلٌ وَإِنْ عَجَّلَ زَكَاةَ مَالِهِ فَحَالُ الْحَوْلُ وَالنِّصَابُ نَاقِصٌ مِقْدَارَ مَا عَجَّلَهُ أَجْزَأَتْ عَنْهُ وَيَكُونُ حُكْمُ مَا عَجَّلَهُ حُكْمَ الْمَوْجُودِ فِي مِلْكِهِ يَتِمُّ النِّصَابُ بِهِ فَلَوْ زَادَ مَالُهُ حَتَّى بَلَغَ النِّصَابَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ وَحَالَ الْحَوْلُ أَجْزَأَ الْمُعَجَّلُ عَنْ زَكَاتِهِ لِمَا ذَكَرْنَا.
فَإِنْ نَقَصَ أَكْثَرُ مِمَّا عَجَّلَهُ فَقَدْ خَرَجَ بِذَلِكَ مِنْ كَوْنِهِ سَبَبًا لِلزَّكَاةِ، مِثْلُ مَنْ لَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً فَعَجَّلَ شَاةً ثُمَّ تَلِفَتْ أُخْرَى فَقَدْ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ سَبَبًا لِلزَّكَاةِ فَإِنْ زَادَ بَعْدَ ذَلِكَ إمَّا بِنَتَاجٍ أَوْ شِرَاءِ مَا يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ اُسْتُؤْنِفَ الْحَوْلُ مِنْ حِينِ كَمَلَ النِّصَابُ وَلَمْ يَجُزْ مَا عَجَّلَهُ عَنْهُ لِمَا ذَكَرْنَا.
وَإِنْ زَادَ بِحَيْثُ يَكُونُ انْضِمَامُهُ إلَى مَا عَجَّلَهُ يَتَغَيَّرُ بِهِ الْفَرْضُ، مِثْلُ مَنْ لَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ فَعَجَّلَ زَكَاتَهَا شَاةً ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ وَقَدْ أُنْتِجَتْ سَخْلَةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ شَاةٍ ثَانِيَةٍ وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَا عَجَّلَهُ فِي حُكْمِ التَّالِفِ فَقَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ وَلَا يَكُونُ الْمُخْرَجُ زَكَاةً.
وَقَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ زِيَادَةٌ لِأَنَّ مَا عَجَّلَهُ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ فَلَمْ يُحْسَبْ مِنْ مَالِهِ كَمَا لَوْ تَصَدَّقَ بِهِ تَطَوُّعًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute