أَنْ تَكُونَ الدُّرَّةُ لِلصَّيَّادِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} [فاطر: ١٢] .
[فَصْلٌ وَجَدَ عَنْبَرَةً عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ]
(٤٥٢٠) فَصْلٌ: وَإِنْ وَجَدَ عَنْبَرَةً عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَهِيَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْبَحْرُ أَلْقَاهَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمِلْكِ فِيهَا، فَكَانَتْ مُبَاحَةً لِآخِذِهَا، كَالصَّيْدِ. وَقَدْ رَوَى سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ
مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو الْعَبْدِيِّ، قَالَ: أَلْقَى بَحْرُ عَدَنَ عَنْبَرَةً مِثْلَ الْبَعِيرِ، فَأَخَذَهَا نَاسٌ بِعَدَنَ. فَكُتِبَ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَكَتَبَ إلَيْنَا، أَنْ خُذُوا مِنْهَا الْخُمُسَ، وَادْفَعُوا إلَيْهِمْ سَائِرَهَا، وَإِنْ بَاعُوكُمُوهَا فَاشْتَرُوهَا. فَأَرَدْنَا أَنْ نَزِنَهَا فَلَمْ نَجِدْ مِيزَانًا يُخْرِجُهَا، فَقَطَعْنَاهَا اثْنَيْنِ، وَوَزَنَّاهَا، فَوَجَدْنَاهَا سِتَّمِائَةِ رِطْلٍ، فَأَخَذْنَا خُمُسَهَا، وَدَفَعْنَا سَائِرَهَا إلَيْهِمْ، ثُمَّ اشْتَرَيْنَاهَا بِخَمْسَةِ آلَافِ دِينَارٍ، وَبَعَثْنَا بِهَا إلَى عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَلَمْ يَلْبَثْ إلَّا قَلِيلًا حَتَّى بَاعَهَا بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ.
[فَصْلٌ صَادَ غَزَالًا فَوَجَدَهُ مَخْضُوبًا أَوْ فِي عُنُقِهِ حِرْزٌ أَوْ فِي أُذُنِهِ قُرْطٌ]
(٤٥٢١) فَصْلٌ: وَإِنْ صَادَ غَزَالًا، فَوَجَدَهُ مَخْضُوبًا، أَوْ فِي عُنُقِهِ حِرْزٌ، أَوْ فِي أُذُنِهِ قُرْطٌ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهِ، فَهُوَ لُقَطَةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَمْلُوكًا. وَقَالَ أَحْمَدُ، فِي مَنْ أَلْقَى شَبَكَةً فِي الْبَحْرِ، فَوَقَعَتْ فِيهَا سَمَكَةٌ، فَجَذَبَتْ الشَّبَكَةَ، فَمَرَّتْ بِهَا فِي الْبَحْرِ، فَصَادَهَا رَجُلٌ، فَإِنَّ السَّمَكَةَ لِلَّذِي حَازَهَا، وَالشَّبَكَةُ يُعَرِّفُهَا وَيَدْفَعُهَا إلَى صَاحِبِهَا. فَجَعَلَ الشَّبَكَةَ لُقَطَةً؛ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لِآدَمِيٍّ، وَالسَّمَكَةَ لِمَنْ صَادَهَا؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُبَاحَةً وَلَمْ يَمْلِكْهَا صَاحِبُ الشَّبَكَةِ، لِكَوْنِ شَبَكَتِهِ لَمْ تُثْبِتْهَا، فَبَقِيَتْ عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَهَكَذَا لَوْ نَصَبَ فَخًّا أَوْ شَرَكًا، فَوَقَعَ فِيهِ صَيْدٌ مِنْ صَيُودِ الْبَرِّ، فَأَخَذَهُ وَذَهَبَ بِهِ، وَصَادَهُ آخَرُ، فَهُوَ لِمَنْ صَادَهُ، وَيَرُدُّ الْآلَةَ إلَى صَاحِبِهَا، فَهِيَ لُقَطَةٌ يُعَرِّفُهَا
وَقَالَ أَحْمَدُ، فِي رَجُلٍ انْتَهَى إلَى شَرَكٍ فِيهِ حِمَارُ وَحْشٍ، أَوْ ظَبْيَةٌ، قَدْ شَارَفَ الْمَوْتَ، فَخَلَّصَهُ وَذَبَحَهُ: هُوَ لِصَاحِبِ الْأُحْبُولَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ الصَّيْدِ فِي الْأُحْبُولَةِ فَهُوَ لِمَنْ نَصَبَهَا، وَإِنْ كَانَ بَازِيًا أَوْ صَقْرًا أَوْ عُقَابًا. وَسُئِلَ عَنْ بَازِي أَوْ صَقْرٍ أَوْ كَلْبٍ مُعَلَّمٍ أَوْ فَهْدٍ، ذَهَبَ عَنْ صَاحِبِهِ، فَدَعَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، وَمَرَّ فِي الْأَرْضِ حَتَّى أَتَى لِذَلِكَ أَيَّامٌ، فَأَتَى قَرْيَةً، فَسَقَطَ عَلَى حَائِطٍ، فَدَعَاهُ رَجُلٌ فَأَجَابَهُ؟ قَالَ: يَرُدُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ. قِيلَ لَهُ: فَإِنْ دَعَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُ فَنَصَبَ لَهُ شَرَكًا فَصَادَهُ بِهِ؟ قَالَ: يَرُدُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ فَجَعَلَ هَذَا لِصَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَهُ، فَلَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ بِذَهَابِهِ عَنْهُ، وَالسَّمَكَةِ فِي الشَّبَكَةِ لَمْ يَكُنْ مَلَكَهَا وَلَا حَازَهَا، وَكَذَلِكَ جَعَلَ مَا وَقَعَ فِي الْأُحْبُولَةِ مِنْ الْبَازِي وَالصَّقْرِ وَالْعُقَابِ لِصَاحِبِ الْأُحْبُولَةِ.
وَلَمْ يَجْعَلُهُ هَاهُنَا لِمَنْ وَقَعَ فِي شَرَكِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا فِيمَا عُلِمَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ مَمْلُوكًا لَإِنْسَانٍ فَذَهَبَ، وَإِنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute