للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا، أَنَّهُ وَحَّدَ الْيَمِينَ، فَيَنْصَرِفُ إلَى وَاحِدَةٍ وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ فِي الْيَمِينِ الْمَشْرُوعَةِ، فَيَدُلُّ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمَشْرُوعَةِ فِي الدَّمِ وَالْمَالِ، وَلِأَنَّهَا يَمِينٌ يُعَضِّدُهَا الظَّاهِرُ وَالْأَصْلُ، فَلَمْ تُغَلَّظْ، كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ، وَلِأَنَّهَا يَمِينٌ مَشْرُوعَةٌ فِي جَنَبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ابْتِدَاءً، فَلَمْ تُغَلَّظْ بِالتَّكْرِيرِ كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا ذَكَرُوهُ. فَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ، لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ، بِغَيْرِ خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: إنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي، فَحَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَاسْتَحَقَّ الْقِصَاصَ إنْ كَانَتْ الدَّعْوَى عَمْدًا، وَالدِّيَةَ إنْ كَانَتْ مُوجِبَةً لِلْقَتْلِ؛ لَأَنْ يَمِينَ الْمُدَّعِي مَعَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَالْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ، وَالْقِصَاصُ يَجِبُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

وَلَنَا، أَنَّ الْقَتْلَ لَمْ يَثْبُتْ بِبَيِّنَةٍ وَلَا إقْرَارٍ، وَلَمْ يُعَضِّدْهُ لَوْثٌ، فَلَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَنْكُلْ، وَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُ الْأَيْمَانِ مَعَ النُّكُولِ بِبَيِّنَةٍ وَلَا إقْرَارٍ؛ لِأَنَّهَا أَضْعَفُ مِنْهَا، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ إلَّا عَنَدَ عَدَمِهِمَا، فَيَكُونَ بَدَلًا عَنْهُمَا، وَالْبَدَلُ أَضْعَفُ مِنْ الْمُبْدَلِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْحُكْمِ بِالْأَقْوَى، ثُبُوتُهُ بِالْأَضْعَفِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الدِّيَةِ، وُجُوبُ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ، وَلَا بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَيُحْتَاطُ لَهُ، وَيُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَالدِّيَةُ بِخِلَافِهِ. فَأَمَّا الدِّيَةُ فَتَثْبُتُ بِالنُّكُولِ عِنْدَ مَنْ يُثْبِتُ الْمَالَ بِهِ، أَوْ تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي، فَيَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً، وَيَسْتَحِقُّهَا، كَمَا لَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي مَالٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَة كَانَ بَيْنَهُمْ عَدَاوَة وَلَوْثٌ أَهْل الْقَتِيل]

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي اللَّوْثِ الْمُشْتَرَطِ فِي الْقَسَامَةِ]

(٧٠١٤) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ وَلَوْثٌ، فَادَّعَى أَوْلِيَاؤُهُ عَلَى وَاحِدٍ، حَلَفَ الْأَوْلِيَاءُ عَلَى قَاتِلِهِ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَاسْتَحَقُّوا دَمَهُ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى عَمْدًا) الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي فُصُولٍ أَرْبَعَةٍ: (٧٠١٥) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي اللَّوْثِ الْمُشْتَرَطِ فِي الْقَسَامَةِ، وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِيهِ، فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ اللَّوْثَ هُوَ الْعَدَاوَةُ الظَّاهِرَةُ بَيْنَ الْمَقْتُولِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، كَنَحْوِ مَا بَيْنَ الْأَنْصَارِ وَيَهُودِ خَيْبَرَ، وَمَا بَيْنَ الْقَبَائِلِ، وَالْأَحْيَاءِ، وَأَهْلِ الْقُرَى الَّذِينَ بَيْنَهُمْ الدِّمَاءُ وَالْحُرُوبُ، وَمَا بَيْنَ أَهْلِ الْبَغْيِ وَأَهْلِ الْعَدْلِ، وَمَا بَيْنَ الشُّرْطَةِ وَاللُّصُوصِ، وَكُلِّ مَنْ بَيْنَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>