عُمَرُ نِصْفَ مَالِهِ، وَجَعَلَ النِّصْفَ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَعَلَى الْقَوْلِ الْمَنْصُوصِ عَنْ أَحْمَدَ، إنْ خَلَّفَ السَّائِبَةُ مَالًا، اُشْتُرِيَ بِهِ رِقَابٌ فَأُعْتِقُوا، فَإِنْ رَجَعَ مِنْ مِيرَاثِهِمْ شَيْءٌ، اُشْتُرِيَ بِهِ أَيْضًا رِقَابٌ فَأُعْتِقُوا. وَإِنْ خَلَّفَ السَّائِبَةُ ذَا فَرْضٍ لَا يَسْتَغْرِقُ مَالَهُ، أَخَذَ فَرْضَهُ، وَاشْتُرِيَ بِبَاقِيهِ رِقَابٌ فَأُعْتِقُوا، وَلَا يُرَدُّ عَلَى ذِي الْفَرْضِ.
[فَصْلٌ أَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ كَفَّارَتِهِ أَوْ نَذْرِهِ أَوْ مِنْ زَكَاتِهِ]
(٥٠٠١) فَصْلٌ: وَإِنْ أُعْتَقَ عَبْدًا عَنْ كَفَّارَتِهِ أَوْ نَذْرِهِ أَوْ مِنْ زَكَاتِهِ، فَقَالَ أَحْمَدُ فِي الَّذِي يَعْتِقُ مِنْ زَكَاتِهِ: إنْ وَرِثَ مِنْهُ شَيْئًا جَعَلَهُ فِي مِثْلِهِ. قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ. وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ الْعِتْقُ مِنْ الْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ قَالَ فِي الَّذِي يَعْتِقُ فِي الزَّكَاةِ: وَلَاؤُهُ لِلَّذِي جَرَى عِتْقُهُ عَلَى يَدَيْهِ
وَقَالَ مَالِكٌ، وَالْعَنْبَرِيُّ: وَلَاؤُهُ لِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُجْعَلُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلَاؤُهُ لِصَاحِبِ الصَّدَقَةِ. وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ فِي الْعِتْقِ فِي النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ.» وَلِأَنَّ عَائِشَةَ، اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، فَأَعْتَقَتْهَا، فَكَانَ وَلَاؤُهَا لَهَا. وَشَرْطُ الْعِتْقِ يُوجِبُهُ، وَلِأَنَّهُ مُعْتَقٌ عَنْ نَفْسِهِ فَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ كَمَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الْعِتْقَ فَأَعْتَقَ
وَلَنَا، أَنَّ الَّذِي أَعْتَقَ مِنْ الزَّكَاةِ مُعْتِقٌ مِنْ غَيْرِ مَالِهِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ الْوَلَاءُ، كَمَا لَوْ دَفَعَهَا إلَى السَّاعِي فَاشْتَرَى بِهَا وَأَعْتَقَ، وَكَمَا لَوْ دَفَعَ إلَى الْمُكَاتَبِ مَالًا، فَأَدَّاهُ فِي كِتَابَتِهِ، وَفَارَقَ مَنْ اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ فَإِنَّهُ إنَّمَا أَعْتَقَ مَالَهُ، وَالْعِتْقُ فِي الْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، فَأَشْبَهَ الْعِتْقَ مِنْ الزَّكَاةِ. وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ مِنْ الزَّكَاةِ وَعَلَّلَ بَعْضُهُمْ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ، بِأَنَّهُ يَجُرُّ الْوَلَاءَ إلَى نَفْسِهِ فَيَنْتَفِعُ بِزَكَاتِهِ. وَهَذَا قَوْلٌ لِأَحْمَدَ، رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ. وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ.
[مَسْأَلَةٌ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ]
(٥٠٠٢) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَمَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَكَانَ وَلَاؤُهُ لَهُ) ذُو الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ: الْقَرِيبُ الَّذِي يَحْرُمُ نِكَاحُهُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَجُلًا وَالْآخَرُ امْرَأَةً. وَهُمْ الْوَالِدَانِ وَإِنْ عَلَوْا مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ جَمِيعًا، وَالْوَلَدُ وَإِنْ سَفَلَ مِنْ وَلَدِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ، وَالْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ وَأَوْلَادُهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا، وَالْأَعْمَامُ وَالْعَمَّاتُ وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ دُونَ أَوْلَادِهِمْ، فَمَتَى مَلَكَ أَحَدًا مِنْهُمْ عَتَقَ عَلَيْهِ
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَطَاءٌ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْثُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَشَرِيكٌ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ. وَأَعْتَقَ مَالِكٌ الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ وَإِنْ بَعُدُوا، وَالْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute