السَّنَامِ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد، بِإِسْنَادِهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «ثَلَاثٌ مَنْ فَعَلَهُنَّ فَقَدْ طَعِمَ طَعْمَ الْإِيمَانِ: مَنْ عَبَدَ اللَّهَ وَحْدَهُ، وَأَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، وَأَعْطَى زَكَاةَ مَالِهِ طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ، رَافِدَةً عَلَيْهِ كُلَّ عَامٍ، وَلَمْ يُعْطِ الْهَرِمَةَ، وَلَا الدَّرِنَةَ، وَلَا الْمَرِيضَةَ، وَلَا الشَّرَطَ اللَّئِيمَةَ، وَلَكِنْ مِنْ وَسَطِ أَمْوَالِكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَسْأَلْكُمْ خَيْرَهُ، وَلَمْ يَأْمُرْكُمْ بِشَرِّهِ.» رَافِدَةً: يَعْنِي مَعِيبَةً، وَالدَّرِنَةُ: الْجَرْبَاءُ، وَالشَّرَطُ: رَذَالَةُ الْمَالِ.
[مَسْأَلَة لَا زَكَاةَ فِي السِّخَالِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ]
(١٧١٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَتُعَدُّ عَلَيْهِمْ السَّخْلَةُ، وَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ) السَّخْلَةُ، بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا: الصَّغِيرَةُ مِنْ أَوْلَادِ الْمَعْزِ. وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ عِنْدَهُ نِصَابٌ كَامِلٌ فَنُتِجَتْ مِنْهُ سِخَالٌ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ، وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي الْجَمِيعِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِ الْأُمَّهَاتِ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَحُكِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَالنَّخَعِيِّ لَا زَكَاةَ فِي السِّخَالِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ.
وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ.» وَلَنَا، مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ لِسَاعِيهِ: اعْتَدَّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ، يَرُوحُ بِهَا الرَّاعِي عَلَى يَدَيْهِ، وَلَا تَأْخُذْهَا مِنْهُمْ. وَهُوَ مَذْهَبُ عَلِيٍّ، وَلَا نَعْرِفُ لَهُمَا فِي عَصْرِهِمَا مُخَالِفًا، فَكَانَ إجْمَاعًا، وَلِأَنَّهُ نَمَاءُ نِصَابٍ، فَيَجِبُ أَنْ يُضَمَّ إلَيْهِ فِي الْحَوْلِ، كَأَمْوَالِ التِّجَارَةِ، وَالْخَبَرُ مَخْصُوصٌ بِمَالِ التِّجَارَةِ، فَنَقِيسُ عَلَيْهِ. فَأَمَّا إنْ لَمْ يَكْمُلْ النِّصَابُ إلَّا بِالسِّخَالِ، اُحْتُسِبَ الْحَوْلُ مِنْ حِينِ كَمَلَ النِّصَابُ، فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.
وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ يُعْتَبَرُ حَوْلُ الْجَمِيعِ مِنْ حِينِ مَلَكَ الْأُمَّهَاتِ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَوْلِ الْأُمَّهَاتِ دُونَ السِّخَالِ فِيمَا إذَا كَانَتْ نِصَابًا، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ تَكُنْ نِصَابًا. وَلَنَا، أَنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْحَوْلُ عَلَى نِصَابٍ، فَلَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِيهَا، كَمَا لَوْ كَمَلَتْ بِغَيْرِ سِخَالِهَا، أَوْ كَمَالِ التِّجَارَةِ، فَإِنَّهُ لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ فِيهِ. وَإِنْ نُتِجَتْ السِّخَالُ بَعْدَ الْحَوْلِ، ضُمَّتْ إلَى أُمَّهَاتِهَا فِي الْحَوْلِ الثَّانِي وَحْدَهُ.
وَالْحُكْمُ فِي فِصْلَانِ الْإِبِلِ، وَعُجُولِ الْبَقَرِ، كَالْحُكْمِ فِي السِّخَالِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّ السَّخْلَةَ لَا تُؤْخَذُ فِي الزَّكَاةِ، لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ قَوْلِ عُمَرَ، وَلِمَا سَنَذْكُرُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ النِّصَابُ كُلُّهُ صِغَارًا، فَيَجُوزُ أَخْذُ الصَّغِيرَةِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ، بِأَنْ يُبَدِّلَ كِبَارًا بِصِغَارِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ، أَوْ يَكُونَ عِنْدَهُ نِصَابٌ مِنْ الْكِبَارِ، فَتَوَالَدَ نِصَابٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute