الْعَاشِرَةُ، قَالَ: لِتَحْمِلَ لِي هَذِهِ الصُّبْرَةَ، كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ، فَإِنْ قَدِمَ لِي طَعَامٌ فَحَمَلْته، فَبِحِسَابِ ذَلِكَ. صَحَّ أَيْضًا فِي الصُّبْرَةِ، وَفَسَدَ فِي الزِّيَادَةِ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ.
[مَسْأَلَة اكْتَرَى إلَى مَكَّة فَلَمْ يَرَ الْجَمَّالُ الرَّاكِبِينَ وَالْمَحَامِلَ الْأَغْطِيَةَ وَالْأَوْطِئَةَ]
(٤٢٦١) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَمَنْ اكْتَرَى إلَى مَكَّةَ، فَلَمْ يَرَ الْجَمَّالُ الرَّاكِبِينَ، وَالْمَحَامِلَ، وَالْأَغْطِيَةَ، وَالْأَوْطِئَةَ، لَمْ يَجُزْ الْكِرَاءُ) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى إجَازَةِ كِرَاءِ الْإِبِلِ إلَى مَكَّةَ وَغَيْرِهَا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} [النحل: ٨] . وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْمَمْلُوكَةِ وَالْمُكْتَرَاةِ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْله تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: ١٩٨] : أَنْ تَحُجَّ وَتُكْرِيَ. وَنَحْوُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَلِأَنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً إلَى السَّفَرِ، وَقَدْ فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ الْحَجَّ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ يَأْتُونَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ. وَلَيْسَ لِكُلِّ أَحَدٍ بَهِيمَةٌ يَمْلِكُهَا، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى مُعَانَاتِهَا، وَالْقِيَامِ بِهَا، وَالشَّدِّ عَلَيْهَا، فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى اسْتِئْجَارِهَا، فَجَازَ، دَفْعًا لِلْحَاجَةِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعْرِفَةُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مَا عَقَدَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ مَحْضَةٍ، فَكَانَ مِنْ شَرْطِهِ الْمَعْرِفَةُ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، كَالْبَيْعِ
فَأَمَّا الْجَمَّالُ فَيَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ الرَّاكِبِينَ، وَالْآلَةِ الَّتِي يَرْكَبُونَ فِيهَا، مِنْ مَحْمِلٍ أَوْ مَحَارَةٍ وَغَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَ مُقَتَّبًا ذَكَرَهُ، وَهَلْ يَكُونُ مُغَطًّى أَوْ مَكْشُوفًا، فَإِنْ كَانَ مُغَطًّى اُحْتِيجَ إلَى مَعْرِفَةِ الْغِطَاءِ، وَيَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ الْوِطَاءِ الَّذِي يُوطَأُ بِهِ الْمَحْمِلُ، وَالْمَعَالِيقِ الَّتِي مَعَهُ مِنْ قِرْبَةٍ وَسَطِيحَةٍ وَسُفْرَةٍ وَنَحْوِهَا، وَذِكْرِ سَائِرِ مَا يَحْمِلُ مَعَهُ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، إلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: يَجُوزُ إطْلَاقُ غِطَاءِ الْمَحْمِلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا مُتَبَايِنًا
وَحُكِيَ عَنْهُ فِي الْمَعَالِيقِ قَوْلٌ، أَنَّهُ يَجُوزُ إطْلَاقُهَا، وَتُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ. وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ يَجُوزُ إطْلَاقُ الرَّاكِبِينَ؛ لِأَنَّ أَجْسَامَ النَّاسِ مُتَقَارِبَةٌ فِي الْغَالِبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute