للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ] [مَسْأَلَةٌ الْعَارِيَّة مَضْمُونَةٌ]

ِ (٣٩١١) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَالْعَارِيَّةُ مَضْمُونَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهَا الْمُسْتَعِيرُ)

الْعَارِيَّةُ: إبَاحَةُ الِانْتِفَاعِ بِعَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ الْمَالِ. مُشْتَقَّةٌ مِنْ عَارَ الشَّيْءُ: إذَا ذَهَبَ وَجَاءَ. وَمِنْهُ قِيلَ لِلْبَطَّالِ: عِيَارٌ؛ لِتَرَدُّدِهِ فِي بَطَالَتِهِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَعَارَهُ، وَعَارَهُ. مِثْلُ أَطَاعَهُ، وَطَاعَهُ.

وَالْأَصْلُ فِيهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ؛ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: ٧] . رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمَا قَالَا: الْعَوَارِيُّ. وَفَسَّرَهَا ابْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ: الْقِدْرُ وَالْمِيزَانُ وَالدَّلْوُ. وَأُمًّا السُّنَّةُ، فَمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَةِ عَامِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «الْعَارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ، وَالدَّيْنُ مَقْضِيٌّ، وَالْمِنْحَةُ مَرْدُودَةٌ، وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ» . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.

وَرَوَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَعَارَ مِنْهُ أَدْرُعًا يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَقَالَ: أَغَصْبًا يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: بَلْ عَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ الْعَارِيَّةِ وَاسْتِحْبَابِهَا، وَلِأَنَّهُ لَمَّا جَازَتْ هِبَةُ الْأَعْيَانِ، جَازَتْ هِبَةُ الْمَنَافِعِ، وَلِذَلِكَ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِالْأَعْيَانِ وَالْمَنَافِعِ جَمِيعًا. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ الْعَارِيَّةَ مَنْدُوبٌ إلَيْهَا، وَلَيْسَتْ وَاجِبَةً، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقِيلَ: هِيَ وَاجِبَةٌ؛ لِلْآيَةِ، وَلَمَّا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا مِنْ صَاحِبِ إبِلٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا. الْحَدِيثَ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَا حَقُّهَا؟ قَالَ: إعَارَةُ دَلْوِهَا، وَإِطْرَاقُ فَحْلِهَا، وَمِنْحَةُ لَبَنِهَا يَوْمَ وِرْدِهَا» . فَذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى مَانِعَ الْعَارِيَّةِ، وَتَوَعَّدَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا ذَكَرَ فِي خَبَرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>