للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَلْحَقُ الْمُشْتَرِي مِنْ الضَّرَرِ فَهُوَ أَلْحَقَهُ بِنَفْسِهِ، بِجَمْعِهِ فِي الْعَقْدِ بَيْنَ مَا تَثْبُتُ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَمَا لَا تَثْبُتُ، وَلِأَنَّ فِي أَخْذِ الْكُلِّ ضَرَرًا بِالْمُشْتَرِي أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ غَرَضُهُ فِي إبْقَاءِ السَّيْفِ لَهُ، فَفِي أَخْذِهِ مِنْهُ إضْرَارٌ بِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِيهِ.

[فَصْلٌ بَاعَ شِقْصَيْنِ مِنْ أَرْضَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً لِرَجُلِ وَاحِدٍ وَالشَّرِيكُ فِي أَحَدِهِمَا غَيْرُ الشَّرِيكِ فِي الْآخَرِ]

(٤٠٥٧) فَصْلٌ: وَإِذَا بَاعَ شِقْصَيْنِ مِنْ أَرْضَيْنِ، صَفْقَةً وَاحِدَةً، لِرَجُلٍ وَاحِدٍ، وَالشَّرِيكُ فِي أَحَدِهِمَا غَيْرُ الشَّرِيكِ فِي الْآخَرِ فَلَهُمَا أَنْ يَأْخُذَا وَيَقْتَسِمَا الثَّمَنَ عَلَى قَدْرِ الْقِيمَتَيْنِ. وَإِنْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، جَازَ، وَيَأْخُذُ الشِّقْصَ الَّذِي فِي شَرِكَتِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لَهُ، كَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا. وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُمَا مَعًا؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا شَرِكَةَ لَهُ فِيهِ، وَلَا هُوَ تَابِعٌ لِمَا فِيهِ الشُّفْعَةُ، فَجَرَى مَجْرَى الشِّقْصِ وَالسَّيْفِ.

وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ فِيهِمَا وَاحِدًا، فَلَهُ أَخْذُهُمَا وَتَرْكُهُمَا؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِيهِمَا. وَإِنْ أَحَبَّ أَخْذَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، فَلَهُ ذَلِكَ. وَهَذَا مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكْ ذَلِكَ، وَمَتَى اخْتَارَهُ سَقَطَتْ الشُّفْعَة فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ أَخْذُ الْمَبِيعِ كُلِّهِ، فَلَمْ يَمْلِكْ أَخْذَ بَعْضِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ شِقْصًا وَاحِدًا. ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.

وَلَنَا، أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِسَبَبِ غَيْرِ الْآخَرِ، فَجَرَى مَجْرَى الشَّرِيكَيْنِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ جَرَى مَجْرَى الشِّقْصِ الْوَاحِدِ لَوَجَبَ إذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فَتَرَك أَحَدُهُمَا شُفْعَتَهُ أَنْ يَكُونَ لِلْآخَرِ أَخْذُ الْكُلِّ، وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ.

[فَصْلٌ لَا يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الثَّمَنِ]

(٤٠٥٨) فَصْلٌ: وَلَا يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ فِي أَخْذِهِ بِدُونِ دَفْعِ الثَّمَنِ إضْرَارًا بِالْمُشْتَرِي، وَلَا يُزَالُ الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ.

فَإِنْ أَحْضَرَ رَهْنًا أَوْ ضَمِينًا، لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِيَ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ فِي تَأْخِيرِ الثَّمَنِ ضَرَرًا، فَلَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِيَ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ أَرَادَ تَأْخِيرَ ثَمَنٍ حَالٍ. فَإِنْ بَذَلَ عِوَضًا عَنْ الثَّمَنِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ؛ وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا.

وَإِذَا أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ، لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِيَ تَسْلِيمُ الشِّقْصِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ، فَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا سَلَّمَهُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ فِي الْحَالِ، قَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ: يُنْظَرُ الشَّفِيعُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، بِقَدْرِ مَا يَرَى الْحَاكِمُ، وَإِذَا كَانَ أَكْثَرَ فَلَا. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ، وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: يُنْظَرُ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهَا آخِرُ حَدِّ الْقِلَّةِ، فَإِنْ أَحْضَرَ الثَّمَنَ، وَإِلَّا فَسَخَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ: لَا يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ، وَلَا يَقْضِي الْقَاضِي بِهَا حَتَّى يُحْضِرَ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي، فَلَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ إلَّا بِإِحْضَارِ عِوَضِهِ، كَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ.

وَلَنَا، أَنَّهُ تَمَلُّكٌ لِلْمَبِيعِ بِعِوَضٍ، فَلَا يَقِفُ عَلَى إحْضَارِ الْعِوَضِ، كَالْبَيْعِ، وَأَمَّا التَّسْلِيمُ فِي الْبَيْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>