وَفِي الْجُمْلَةِ فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ، وَأَمَّا إبَاحَتُهُ فَلَا خِلَافَ فِيهَا، وَلَا فِي الِالْتِقَاطِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ إبَاحَةٍ لِمَالِهِ، فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْإِبَاحَاتِ.
[مَسْأَلَة قَسَمَ الْمُولِم عَلَى الْحَاضِرِينَ مَا يُنْثَرُ مِثْلُ اللَّوْزِ وَالسُّكَّرِ وَغَيْرِهِ]
(٥٦٨٤) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (فَإِنْ قَسَمَ عَلَى الْحَاضِرِينَ، فَلَا بَأْسَ بِأَخْذِهِ) . كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَنَّ بَعْضَ أَوْلَادِهِ حَذَقَ، فَقَسَمَ عَلَى الصِّبْيَانِ الْجَوْزَ. أَمَّا إذَا قَسَمَ عَلَى الْحَاضِرِينَ مَا يُنْثَرُ مِثْلُ اللَّوْزِ، وَالسُّكَّرِ، وَغَيْرِهِ، فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ، غَيْرُ مَكْرُوهٍ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:: «قَسَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ تَمْرًا، فَأَعْطَى كُلَّ إنْسَانٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ، فَأَعْطَانِي سَبْعَ تَمَرَاتٍ إحْدَاهُنَّ حَشَفَةٌ، لَمْ تَكُنْ فِيهِنَّ تَمْرَةٌ أَعْجَبُ إلَيَّ مِنْهَا، شَدَّتْ إلَى مَضَاغِي.» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَكَذَلِكَ إنْ وَضَعَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَأَذِنَ لَهُمْ فِي أَخْذِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَقَعُ تَنَاهُبٌ، فَلَا يُكْرَهُ أَيْضًا. قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْجَوْزِ يُنْثَرُ؟ فَكَرِهَهُ، وَقَالَ: يُعْطُونَ يُقْسَمُ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَحْرٍ: سَمِعْت حُسْنَ أُمَّ وَلَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلِ تَقُولُ: لَمَّا حَذَقَ ابْنِي حَسَنٌ، قَالَ لِي مَوْلَايَ: حُسْنُ، لَا تَنْثُرِي عَلَيْهِ. فَاشْتَرَى تَمْرًا وَجَوْزًا، فَأَرْسَلَهُ إلَى الْمُعَلِّمِ، قَالَتْ: وَعَمِلْت أَنَا عَصِيدَةً، وَأَطْعَمْت الْفُقَرَاءَ، فَقَالَ: أَحْسَنْت أَحْسَنْت. وَفَرَّقَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَى الصِّبْيَان الْجَوْزَ، لِكُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةٌ خَمْسَةٌ.
[فَصْلٌ مِنْ حُصِلَ فِي حَجَره شَيْء مِنْ النِّثَار فِي الْوَلِيمَة]
(٥٦٨٥) فَصْلٌ: وَمَنْ حَصَلَ فِي حِجْرِهِ شَيْءٌ مِنْ النِّثَارِ فَهُوَ لَهُ، غَيْرُ مَكْرُوهٍ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ حَصَلَ فِي حِجْرِهِ فَمَلَكَهُ، كَمَا لَوْ وَثَبَتْ سَمَكَةٌ مِنْ الْبَحْرِ فَوَقَعَتْ فِي حِجْرِهِ، وَلَيْسَ لَأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ حِجْرِهِ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ.
[فَصْلٌ لَا بَأْسَ أَنْ يُخْلَط الْمُسَافِرُونَ أَزْوَادهمْ وَيَأْكُلُوا جَمِيعًا]
(٥٦٨٦) فَصْلٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْلِطَ الْمُسَافِرُونَ أَزْوَادَهُمْ وَيَأْكُلُوا جَمِيعًا. وَإِنْ بَعْضُهُمْ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ، فَلَا بَأْسَ. وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ يَتَعَاهَدُونَ فِي الْغَزْوِ وَالْحَجِّ. وَيُفَارِقُ النِّثَارَ؛ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِنَهْبٍ وَتَسَالُبٍ وَتَجَاذُبٍ، بِخِلَافِ هَذَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute