وَوَطْؤُهَا لَا يُنْقِصُ قِيمَتَهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَخْدَمَهَا
وَإِنْ تَلِفَ جُزْءٌ مِنْهَا أَوْ نَقَصَهَا، مِثْلَ إنْ افْتَضَّ الْبِكْرَ أَوْ أَفْضَاهَا، فَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا أَتْلَفَ، فَإِنْ شَاءَ جَعَلَ رَهْنًا مَعَهَا، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ قَضَاءً مِنْ الْحَقِّ، إنْ لَمْ يَكُنْ حَلَّ. فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ قَدْ حَلَّ، جَعَلَهُ قَضَاءً لَا غَيْرُ؛ فَإِنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي جَعْلِهِ رَهْنًا. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ.
[مَسْأَلَةٌ وَطِئَ أَمَتَهُ الْمَرْهُونَةَ فَأُوَلِّدهَا]
(٣٣٣٧) مَسْأَلَةٌ قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً، فَأَوْلَدَهَا الرَّاهِنُ، خَرَجَتْ أَيْضًا مِنْ الرَّهْنِ، وَأَخَذَ مِنْهُ قِيمَتَهَا، فَتَكُونُ رَهْنًا وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الرَّاهِنَ إذَا وَطِئَ أَمَتَهُ الْمَرْهُونَةَ، فَأَوْلَدَهَا، خَرَجَتْ مِنْ الرَّهْنِ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا حِينَ أَحْبَلَهَا، كَمَا لَوْ جَرَحَ الْعَبْدَ كَانَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ حِينَ جَرَحَهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعَسِّرِ، إلَّا أَنَّ الْمُوسِرَ يُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَتُهَا، وَالْمُعَسِّرُ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ قِيمَتُهَا، عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْعِتْقِ. وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ هَاهُنَا كَقَوْلِهِ فِي الْعِتْقِ، إلَّا أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ: لَا يَنْفُذُ الْإِحْبَالُ. فَإِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، فَأَمَّا فِي حَقِّ الرَّاهِنِ، فَهُوَ ثَابِتٌ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهَبَهَا لِلْمُرْتَهِنِ.
وَلَوْ حَلَّ الْحَقُّ وَهِيَ حَامِلٌ، لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّهَا حَامِلٌ بِحُرٍّ، فَإِذَا وَلَدَتْ، لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا حَتَّى تَسْقِيَ وَلَدَهَا اللِّبَأَ، فَإِنْ وَجَدَ مِنْ يُرْضِعُهُ بِيعَتْ، وَإِلَّا تُرِكَتْ حَتَّى تُرْضِعَهُ، ثُمَّ يُبَاعُ مِنْهَا بِقَدْرِ الدَّيْنِ خَاصَّةً، وَيَثْبُتُ لِلْبَاقِي حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ، فَإِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ عَتَقَ
وَإِنْ رَجَعَ هَذَا الْمَبِيعُ إلَى الرَّاهِنِ بِإِرْثٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، أَوْ بِيعَ جَمِيعُهَا، ثُمَّ رَجَعَتْ إلَيْهِ، ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ
وَقَالَ مَالِكٌ إنْ كَانَتْ الْأَمَةُ تَخْرُجُ إلَى الرَّاهِنِ وَتَأْتِيه، خَرَجَتْ مِنْ الرَّهْنِ، وَإِنْ تَسَوَّرَ عَلَيْهَا، أَخَذَ وَلَدَهَا، وَبِيعَتْ. وَلَنَا أَنَّ هَذِهِ أُمُّ وَلَدٍ، فَلَمْ يَثْبُتْ فِيهَا حُكْمُ الرَّهْنِ، كَمَا لَوْ كَانَ الْوَطْءُ سَابِقًا عَلَى الرَّهْنِ، أَوْ نَقُولُ: مَعْنَى يُنَافِي الرَّهْنَ فِي ابْتِدَائِهِ، فَنَافَاهُ فِي دَوَامِهِ، كَالْحُرِّيَّةِ.
[فَصْلٌ وَطِئَ أَمَتَهُ الْمَرْهُونَةَ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ]
(٣٣٣٨) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ الْوَطْءُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، خَرَجَتْ مِنْ الرَّهْنِ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُرْتَهِنِ، لِأَنَّهُ أَذِنَ فِي سَبَبِ مَا يُنَافِي حَقِّهِ، فَكَانَ إذْنًا فِيهِ. وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا. وَإِنْ لَمْ تَحْبَلْ، فَهِيَ رَهْنٌ بِحَالِهَا.
فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا أَذِنَ فِي الْوَطْءِ، وَلَمْ يَأْذَنْ فِي الْإِحْبَالِ. قُلْنَا: الْوَطْءُ هُوَ الْمُفْضِي إلَى الْإِحْبَالِ، وَلَا يَقِفُ ذَلِكَ عَلَى اخْتِيَارِهِ، فَالْإِذْنُ فِي سَبَبِهِ إذْنٌ فِيهِ، فَإِنْ أَذِنَ ثُمَّ رَجَعَ، فَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَأْذَنْ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْإِذْنِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يُنْكِرُهُ، وَإِنْ أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ بِالْإِذْنِ، وَأَنْكَرَ كَوْنَ الْوَلَدِ مِنْ الْوَطْءِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، أَوْ قَالَ: هُوَ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ، بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ؛ أَحَدُهَا، أَنْ يَعْتَرِفَ الْمُرْتَهِنُ بِالْإِذْنِ
وَالثَّانِي، أَنْ يَعْتَرِفَ بِالْوَطْءِ. وَالثَّالِثِ، أَنْ يَعْتَرِفَ بِالْوِلَادَةِ. وَالرَّابِعِ، أَنْ يَعْتَرِفَ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ بَعْدَ