لِلْأَعْمَامِ الثُّلُثَانِ، وَلِلْأَخْوَالِ الثُّلُثُ. وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، قَالَ: وَيُزَادُ الْأَقْرَبُ بَعْضَ الزِّيَادَةِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: يُقَسَّمُ عَلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ بِالِاجْتِهَادِ. وَلَنَا، أَنَّ هَذَا الِاسْمَ لَهُ عُرْفٌ فِي الشَّرْعِ، وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ، فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ، وَتَقْدِيمُهُ عَلَى الْعُرْفِ اللُّغَوِيِّ، كَالْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ، وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِهِ بِذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ، فَإِنَّ اسْمَ الْقَرَابَةِ يَقَعُ عَلَى غَيْرِهِمْ عُرْفًا وَشَرْعًا، وَقَدْ تَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ رَبِيبَتُهُ، وَأُمَّهَاتُ نِسَائِهِ، وَحَلَائِلُ آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ، وَلَا قَرَابَةَ لَهُمْ، وَتَحِلُّ لَهُ ابْنَةُ عَمِّهِ، وَعَمَّتِهِ، وَابْنَةُ خَالِهِ وَخَالَتِهِ، وَهُنَّ مِنْ أَقَارِبِهِ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ التَّفْصِيلِ لَا يَقْتَضِيه اللَّفْظُ، وَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ، فَالْمَصِيرُ إلَيْهِ تَحَكُّمٌ، فَأَمَّا إنْ كَانَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ قَرَابَةِ أُمِّهِ، كَقَوْلِهِ: وَتُفَضَّلُ قَرَابَتِي مِنْ جِهَةِ أَبِي عَلَى قَرَابَتِي مِنْ جِهَةِ أُمِّيِّ. أَوْ قَوْلُهُ: إلَّا ابْنَ خَالَتِي فُلَانًا. أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، أَوْ قَرِينَةٌ تُخْرِجُ بَعْضَهُمْ، عُمِلَ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْقَرِينَةُ؛ لِأَنَّهَا تَصْرِفُ اللَّفْظَ عَنْ ظَاهِرِهِ إلَى غَيْرِهِ.
[فَصْلٌ وَصَّى لِأَقْرَبِ أَقَارِبِهِ أَوْ أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ أَوْ أَقْرَبِهِمْ بِهِ رَحِمًا]
(٤٧٤٩) فَصْلٌ: فَإِنْ وَصَّى لِأَقْرَبِ أَقَارِبِهِ، أَوْ أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ، أَوْ أَقْرَبِهِمْ بِهِ رَحِمًا، لَمْ يُدْفَعْ إلَى الْأَبْعَدِ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ، فَيُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَدْلَى بِهِ مِنْ الْأَجْدَادِ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ، وَالِابْنُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمْ وَعَلَى كُلِّ مَنْ أَدْلَى بِهِ. وَيَسْتَوِي الْأَبُ وَالِابْنُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُدْلِي بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَدَّمَ الِابْنُ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ تَعْصِيبَ الْأَبِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ إسْقَاطَ تَعْصِيبِهِ لَا يَمْنَعُ مُسَاوَاتَهُ فِي الْقُرْبِ، وَلَا كَوْنَهُ أَقْرَبَ مِنْهُ، بِدَلِيلِ أَنَّ ابْنَ الِابْنِ يُسْقِطُ تَعْصِيبَهُ مَعَ بُعْدِهِ، وَيُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى الْجَدِّ، وَالْأَبُ عَلَى ابْنِ الِابْنِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يُقَدَّمُ ابْنُ الِابْنِ عَلَى الْأَبِ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ تَعْصِيبَهُ. وَلَنَا، أَنَّ الْأَبَ يُدْلِي بِنَفْسِهِ، وَيَلِي ابْنَهُ مِنْ غَيْرِ حَاجِزٍ، وَلَا يَسْقُطُ مِيرَاثُهُ بِحَالٍ، بِخِلَافِ ابْنِ الِابْنِ. وَالْأَبُ وَالْأُمُّ سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ الِابْنُ، وَالْبِنْتُ، وَالْجَدُّ أَبُو الْأَبِ، وَأَبُو الْأُمِّ، وَأُمُّ الْأَبِ، وَأُمُّ الْأُمِّ، كُلُّهُمْ سَوَاءٌ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِ الْأَوْلَادِ أَوْلَادُ الْبَنِينَ وَإِنْ سَفَلُوا، الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ، وَفِي أَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى دُخُولِهِمْ فِي الْوَقْفِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِ الْوَلَدِ الْأَجْدَادُ، الْأَقْرَبُ مِنْهُمْ فَالْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّهُمْ الْعَمُودُ الثَّانِي، ثُمَّ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ؛ لِأَنَّهُمْ وَلَدُ الْأَبِ، أَوْ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ، ثُمَّ وَلَدُهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا، وَلَا شَيْءَ لِوَلَدِ الْأَخَوَاتِ، إذَا قُلْنَا: لَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ. وَإِذَا تَسَاوَتْ دَرَجَتُهُمْ فَأُولَاهُمْ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ، وَيُسَوَّى بَيْنَ وَلَدِ الْأَبِ وَوَلَدِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُمَا عَلَى دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَلِكَ وَلَدَاهُمَا. وَالْأَخُ لِلْأَبِ أَوْلَى مِنْ ابْنِ الْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ، كَمَا فِي الْمِيرَاثِ، ثُمَّ بَعْدَهُمْ الْأَعْمَامُ، ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute