بِقَدْرِ الْحَشَفَةِ، وَجَبَ الْغُسْلُ، وَتَعَلَّقَتْ، بِهِ أَحْكَامُ الْوَطْءِ؛ مِنْ الْمَهْرِ وَغَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ
[فَصْلٌ أَوْلَجَ فِي قُبُلِ خُنْثَى مُشْكِلٍ]
(٢٨٩) فَصْلٌ: فَإِنْ أَوْلَجَ فِي قُبُلِ خُنْثَى مُشْكِلٍ، أَوْ أَوْلَجَ الْخُنْثَى ذَكَرَهُ فِي فَرْجٍ، أَوْ وَطِئَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي قُبُلِهِ، فَلَا غُسْلَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ خِلْقَةً زَائِدَةً. فَإِنْ أَنْزَلَ الْوَاطِئُ أَوْ أَنْزَلَ الْمَوْطُوءُ مِنْ قُبُلِهِ، فَعَلَى مَنْ أَنْزَلَ الْغُسْلُ. وَيَثْبُتُ لِمَنْ أَنْزَلَ مِنْ ذَكَرِهِ حُكْمُ الرِّجَالِ، وَلِمَنْ أَنْزَلَ مِنْ قُبُلِهِ حُكْمُ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى الْعَادَةَ بِذَلِكَ فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.
وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ، أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِالذُّكُورِيَّةِ بِالْإِنْزَالِ مِنْ ذَكَرِهِ، وَلَا بِالْأُنُوثِيَّةِ بِالْحَيْضِ مِنْ فَرْجِهِ، وَلَا بِالْبُلُوغِ بِهَذَا. وَلَنَا أَنَّهُ أَمْرٌ خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَحَدَ الصِّنْفَيْنِ، فَكَانَ دَلِيلًا عَلَيْهِ، كَالْبَوْلِ مِنْ ذَكَرِهِ أَوْ مِنْ قُبُلِهِ؛ وَلِأَنَّهُ أَنْزَلَ الْمَاءَ الدَّافِقَ لِشَهْوَةٍ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ ". وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَنْ تَثْبُتُ لَهُ الذُّكُورِيَّةُ أَوْ الْأُنُوثِيَّةُ.
[فَصْلٌ كَانَ الْوَاطِئُ أَوْ الْمَوْطُوءُ صَغِيرًا فَهَلْ عَلَيْهِمَا غُسْلٌ]
(٢٩٠) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ أَوْ الْمَوْطُوءُ صَغِيرًا، فَقَالَ أَحْمَدُ يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْغُسْلُ. وَقَالَ: إذَا أَتَى عَلَى الصَّبِيَّةِ تِسْعُ سِنِينَ، وَمِثْلُهَا يُوطَأُ، وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ. وَسُئِلَ عَنْ الْغُلَامِ يُجَامِعُ مِثْلُهُ وَلَمْ يَبْلُغْ، فَجَامَعَ الْمَرْأَةَ، يَكُونُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا الْغُسْلُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ لَهُ: أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَقَالَ: تَرَى عَائِشَةَ حِينَ كَانَ يَطَؤُهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ تَكُنْ تَغْتَسِلُ، وَيُرْوَى عَنْهَا: " إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْلُ ".
وَحَمَلَ الْقَاضِي كَلَامَ أَحْمَدَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ وَأَبِي ثَوْرٍ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَةَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا الْمَأْثَمُ، وَلَا هِيَ مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ. وَلَا تَجِبُ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ الَّتِي تَجِبُ الطَّهَارَةُ لَهَا، فَأَشْبَهَتْ الْحَائِضَ. وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ أَحْمَدَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ؛ لِتَصْرِيحِهِ بِالْوُجُوبِ، وَذَمِّهِ قَوْلَ أَصْحَابِ الرَّأْيِ وَقَوْلِهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute