وَالثَّانِيَةُ، التَّطْوِيلُ أَفْضَلُ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
«وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَكْثَرُ صَلَاتِهِ التَّهَجُّدَ وَكَانَ يُطِيلُهُ، عَلَى مَا قَدْ مَرَّ ذِكْرُهُ، وَلَا يُدَاوِمُ إلَّا عَلَى الْأَفْضَلِ» . وَالثَّالِثَةُ، هُمَا سَوَاءٌ؛ لِتَعَارُضِ الْأَخْبَارِ فِي ذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْل التَّطَوُّعُ فِي الْبَيْتِ]
(١٠٥٨) فَصْلٌ: وَالتَّطَوُّعُ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ خَيْرَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَسْجِدِي هَذَا، إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَقَالَ: «إذَا قَضَى أَحَدُكُمْ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِهِ فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيبًا مِنْ صَلَاتِهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ خَيْرًا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْبَيْتِ أَقْرَبُ إلَى الْإِخْلَاصِ. وَأَبْعَدُ مِنْ الرِّيَاءِ، وَهُوَ مِنْ عَمَلِ السِّرِّ، وَفِعْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَانِيَةٌ وَالسِّرُّ أَفْضَلُ.
[فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ لِلْإِنْسَانِ تَطَوُّعَاتٌ يُدَاوِمُ عَلَيْهَا]
(١٠٥٩) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ لِلْإِنْسَانِ تَطَوُّعَاتٌ يُدَاوِمُ عَلَيْهَا، وَإِذَا فَاتَتْ يَقْضِيهَا. قَالَ أَبُو دَاوُد: سَمِعْت أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: يُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ رَكَعَاتٌ مِنْ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَعْلُومَةٌ، فَإِذَا نَشِطَ، طَوَّلَهَا، وَإِذَا لَمْ يَنْشَطْ خَفَّفَهَا. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ. وَفِي لَفْظٍ قَالَ: أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ الَّذِي يُدَاوِمُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ، وَإِنْ قَلَّ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا صَلَّى صَلَاةً أَحَبَّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهَا» . وَقَالَتْ: «كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَكَانَ إذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ، كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ، فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ التَّطَوُّع جَمَاعَةً وَفُرَادَى]
(١٠٦٠) فَصْلٌ: يَجُوزُ التَّطَوُّعُ جَمَاعَةً وَفُرَادَى؛ «لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ الْأَمْرَيْنِ كِلَيْهِمَا، وَكَانَ أَكْثَرُ تَطَوُّعِهِ مُنْفَرِدًا، وَصَلَّى بِحُذَيْفَةَ مَرَّةً، وَبِابْنِ عَبَّاسٍ مَرَّةً، وَبِأَنَسٍ وَأُمِّهِ وَالْيَتِيمِ مَرَّةً، وَأَمَّ أَصْحَابَهُ فِي بَيْتِ عِتْبَانَ مَرَّةً، وَأَمَّهُمْ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ ثَلَاثًا» ، وَسَنَذْكُرُ أَكْثَرَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ فِي مَوَاضِعِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهِيَ كُلُّهَا صِحَاحٌ جِيَادٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute