الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْهُ نِصْفُ الْعُشْرِ، فَرَوَى عَنْهُ صَالِحٌ، مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا دِينَارٌ. يَعْنِي فَإِذَا نَقَصَتْ مِنْ الْعِشْرِينَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، لِأَنَّ مَا دُونَ النِّصَابِ لَا تَجِبُ فِيهِ زَكَاةٌ عَلَى مُسْلِمٍ، وَلَا عَلَى تَغْلِبِيٍّ، فَلَا يَجِبُ فِيهِ عَلَى ذِمِّيٍّ شَيْءٌ، كَاَلَّذِي دُونَ الْعَشَرَةِ.
وَرَوَى صَالِحٌ أَيْضًا، أَنَّهُ قَالَ: إذَا مَرُّوا بِالْعَاشِرِ، فَإِنْ كَانُوا أَهْلَ الْحَرْبِ، أَخَذَ مِنْهُمْ الْعُشْرَ، مِنْ الْعَشَرَةِ وَاحِدًا، وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَخَذَ مِنْهُمْ نِصْفَ الْعُشْرِ، مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا دِينَارًا، فَإِذَا نَقَصَتْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ نَقَصَ مَالُ الْحَرْبِيِّ عَنْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ، لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ فِي الْعَشَرَةِ نِصْفَ مِثْقَالٍ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ الْعَشَرَةِ شَيْءٌ.
نَصَّ عَلَى هَذَا، فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ، قَالَ: قُلْت إذَا كَانَ مَعَ الذِّمِّيِّ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ؟ قَالَ: تَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ دِينَارٍ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ؟ قَالَ: إذَا نَقَصَتْ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ مَالٌ يَبْلُغُ وَاجِبُهُ نِصْفَ دِينَارٍ، فَوَجَبَ فِيهِ، كَالْعِشْرِينَ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ. أَوْ نَقُولُ: مَالٌ مَعْشُورٌ فَوَجَبَ فِي الْعَشَرَةِ مِنْهُ كَمَالِ الْحَرْبِيِّ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُؤْخَذُ عُشْرُ الْحَرْبِيِّ وَنِصْفُ عُشْرِ الذِّمِّيِّ، مِنْ مَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ؛ لِأَنَّ عُمَرَ قَالَ: خُذْ مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا. وَلِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ، فَوَجَبَ فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، كَنَصِيبِ الْمَالِكِ فِي أَرْضِهِ الَّتِي عَامَلَهُ عَلَيْهَا.
وَلَنَا، أَنَّهُ عُشْرٌ أَوْ نِصْفُ عُشْرٍ وَجَبَ بِالشَّرْعِ، فَاعْتُبِرَ لَهُ نِصَابٌ، كَزَكَاةِ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ، وَلِأَنَّهُ حَقٌّ يَتَقَدَّرُ بِالْحَوْلِ، فَاعْتُبِرَ لَهُ النِّصَابُ، كَالزَّكَاةِ. وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ، فَالْمُرَادُ بِهِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - بَيَانُ قَدْرِ الْمَأْخُوذِ، وَأَنَّهُ نِصْفُ الْعُشْرِ، وَمَعْنَاهُ إذَا كَانَ مَعَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَخُذْ مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ فِي صَدْرِ الْحَدِيثِ أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ مُصَدِّقًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا، وَمِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا، وَمِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ وَاحِدًا. وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ الْمُسْلِمِ إذَا كَانَ مَعَهُ نِصَابٌ، فَكَذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ.
[فَصْلٌ الْعَاشِرِ يَمُرُّ عَلَيْهِ الذِّمِّيُّ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ]
(٧٦٧٨) فَصْلٌ: وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ، فِي الْعَاشِرِ يَمُرُّ عَلَيْهِ الذِّمِّيُّ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، فَقَالَ فِي مَوْضِعٍ: قَالَ عُمَرُ: وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا. لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى الْآخِذِ مِنْهَا. وَرَوَى بِإِسْنَادِهِ، عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ، فِي قَوْلِ عُمَرَ: وَلُّوهُمْ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بِعُشْرِهَا. قَالَ أَحْمَدُ: إسْنَادٌ جَيِّدٌ. وَمِمَّنْ رَأَى ذَلِكَ مَسْرُوقٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ. وَوَافَقَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي الْخَمْرِ خَاصَّةً. وَذَكَرَ الْقَاضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute