[فَصْل قَالَ مَا أَعْلَمُ لِي بَيِّنَةً ثُمَّ أَتَى بِبَيِّنَةِ]
(٨٤٩٠) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: مَا أَعْلَمُ لِي بَيِّنَةً. ثُمَّ أَتَى بِبَيِّنَةٍ، سُمِعَتْ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ لَمْ يَعْلَمْهَا، ثُمَّ عَلِمَهَا. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَلَوْ قَالَ: مَا أَعْلَمُ لِي بَيِّنَةً. فَقَالَ شَاهِدَانِ: نَحْنُ نَشْهَدُ لَك. سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ.
[مَسْأَلَة شَهَادَةُ الْوَصِيُّ عَلَى مَنْ هُوَ مُوصَى عَلَيْهِمْ]
(٨٤٩١) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا شَهِدَ الْوَصِيُّ عَلَى مَنْ هُوَ مُوصًى عَلَيْهِمْ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ. وَإِنْ شَهِدَ، لَهُمْ، لَمْ يُقْبَلْ إذَا كَانُوا فِي حِجْرِهِ) أَمَّا شَهَادَتُهُ عَلَيْهِمْ، فَمَقْبُولَةٌ. لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، فَإِنَّهُ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِمْ، وَلَا يَجُرُّ بِشَهَادَتِهِ عَلَيْهِمْ نَفْعًا، وَلَا يَدْفَعُ عَنْهُمْ بِهَا ضَرَرًا. وَأَمَّا شَهَادَتُهُ لَهُمْ إذَا كَانُوا فِي حِجْرِهِ، فَغَيْرُ مَقْبُولَةٍ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ الشَّعْبِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَجَازَ شُرَيْحٌ وَأَبُو ثَوْرٍ شَهَادَتَهُ لَهُمْ، إذَا كَانَ الْخَصْمُ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُمْ، فَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لَهُمْ، كَمَا بَعْدَ زَوَالِ الْوَصِيَّةِ.
وَلَنَا أَنَّهُ شَهِدَ بِشَيْءٍ هُوَ خَصْمٌ فِيهِ، فَإِنَّهُ الَّذِي يُطَالِبُ بِحُقُوقِهِمْ، وَيُخَاصِمُ فِيهَا، وَيَتَصَرَّفُ فِيهَا، فَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ، كَمَا لَوْ شَهِدَ بِمَالٍ نَفْسِهِ، وَلِأَنَّهُ يَأْخُذ مِنْ مَالِهِمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ. فَيَكُونُ مُتَّهَمًا فِي الشَّهَادَةِ بِهِ. فَأَمَّا قَوْلُهُ: إذَا كَانُوا فِي حِجْرِهِ. فَإِنَّهُ يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ لَهُمْ بَعْدَ زَوَالِ وِلَايَتِهِ عَنْهُمْ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ؛ لِزَوَالِ الْمَعْنَى الَّذِي مَنَعَ قَبُولَهَا. وَالْحُكْمُ فِي أَمِينِ الْحَاكِمِ يَشْهَدُ لِلْأَيْتَامِ الَّذِينَ هُمْ تَحْتَ وِلَايَتِهِ، كَالْحُكْمِ فِي الْوَصِيِّ، سَوَاءً.
[مَسْأَلَة شَهَادَةُ مَنْ يُخْنَقُ فِي الْأَحْيَانِ]
(٨٤٩٢) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا شَهِدَ مَنْ يُخْنَقُ فِي الْأَحْيَانِ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فِي إفَاقَتِهِ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ عَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَمِمَّنْ حَفِظْنَا عَنْهُ ذَلِكَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَلَا أَحْسَبُهُ إلَّا مَذْهَبَ أَهْلِ الْكُوفَة؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الشَّهَادَةِ بِحَالٍ أَدَائِهَا، وَهُوَ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ مِنْ أَهْلِ التَّحْصِيلِ وَالْعَقْلِ الثَّابِتِ، فَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، كَالصَّبِيِّ إذَا كَبَرَ، وَلِأَنَّهُ عَدْلٌ غَيْرُ مُتَّهَمٍ، فَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، كَالصَّحِيحِ، وَزَوَالُ عَقْلِهِ فِي غَيْرِ حَالِ الشَّهَادَةِ لَا يَمْنَعُ قَبُولَهَا، كَالصَّحِيحِ الَّذِي يَنَامُ، وَالْمَرِيضِ الَّذِي يُغْمَى عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ.
[مَسْأَلَة شَهَادَةُ الطَّبِيبِ فِي الْمُوضِحَةِ]
(٨٤٩٣) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الطَّبِيبِ فِي الْمُوضِحَةِ، إذَا لَمْ يُقْدَرْ عَلَى طَبِيبَيْنِ، وَكَذَلِكَ الْبَيْطَارُ فِي دَاءِ الدَّابَّةِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إذَا اُخْتُلِفَ فِي الشَّجَّةِ، هَلْ هِيَ مُوضِحَةٌ أَوْ لَا؟ أَوْ فِيمَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْهَا، كَالْهَاشِمَةِ، وَالْمُنَقِّلَةِ، وَالْآمَّةِ، وَالدَّامِغَةِ، أَوْ أَصْغَرَ مِنْهَا، كَالْبَاضِعَةِ، وَالْمُتَلَاحِمَةِ، وَالسِّمْحَاقِ، أَوْ فِي الْجَائِفَةِ، وَغَيْرِهَا مِنْ الْجِرَاحِ، الَّتِي لَا يَعْرِفُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute