للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنْيَابِهِ فَهُوَ مِنْ السِّبَاعِ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: ابْنُ عِرْسٍ مُبَاحٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَابٌ قَوِيٌّ، فَأَشْبَهَ الضَّبَّ.

وَلِأَصْحَابِهِ فِي ابْنِ آوَى وَجْهَانِ. وَلَنَا، أَنَّهَا مِنْ السِّبَاعِ، فَتَدْخُلُ فِي عُمُومِ النَّهْيِ، وَلِأَنَّهَا مُسْتَخْبَثَةٌ، غَيْرُ مُسْتَطَابَةٍ، فَإِنَّ ابْنَ آوَى يُشْبِهُ الْكَلْبَ، وَرَائِحَتُهُ كَرِيهَةٌ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧]

[فَصْلٌ حُكْمُ أَكْلِ الثَّعْلَبِ]

(٧٧٨٨) فَصْلٌ: وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي الثَّعْلَبِ، فَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَحْمَدَ تَحْرِيمُهُ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ سَبُعٌ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ النَّهْيِ. وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ إبَاحَتُهُ. اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ. وَرَخَّصَ فِيهِ عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَقَتَادَةُ، وَاللَّيْثُ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَالشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهُ يُفْدَى فِي الْإِحْرَامِ وَالْحَرَمِ. وَقَالَ أَحْمَدُ وَعَطَاءٌ: كُلُّ مَا يُودَى إذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ، فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ.

وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي سِنَّوْرِ الْبَرِّ كَاخْتِلَافِهَا فِي الثَّعْلَبِ. وَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الثَّعْلَبِ. وَلِلشَّافِعِيِّ فِي سِنَّوْرِ الْبَرِّ وَجْهَانِ. فَأَمَّا الْأَهْلِيُّ، فَمُحَرَّمٌ فِي قَوْلِ إمَامِنَا، وَمَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ نَهَى عَنْ أَكْلِ الْهِرِّ.

[فَصْلٌ حُكْم أَكَلَ الْفِيلُ]

(٧٧٨٩) فَصْلٌ: وَالْفِيلُ مُحَرَّمٌ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ هُوَ مِنْ أَطْعِمَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ مَسْخٌ. وَكَرِهَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ. وَرَخَّصَ فِي أَكْلِهِ الشَّعْبِيُّ. وَلَنَا، نَهْيُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ. وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِهَا نَابًا، وَلِأَنَّهُ مُسْتَخْبَثٌ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْآيَةِ الْمُحَرِّمَةِ.

[فَصْلٌ الِاخْتِلَاف فِي أَكَلَ الدُّبّ]

(٧٧٩٠) فَصْلٌ: فَأَمَّا الدُّبُّ، فَيُنْظَرُ فِيهِ؛ فَإِنْ كَانَ ذَا نَابٍ يَفْرِسُ بِهِ، فَهُوَ مُحَرَّمٌ، وَإِلَّا فَهُوَ مُبَاحٌ. قَالَ أَحْمَدُ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَابٌ، فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: هُوَ سَبُعٌ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ شَيْءٍ بِالسِّبَاعِ، فَلَا يُؤْكَلُ.

وَلَنَا، أَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ وُجُودُ الْمُحَرِّمِ، فَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ، وَشَبَهُهُ بِالسِّبَاعِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>