للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْكَثِيرِ، وَحَكَيْنَا ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ اللُّغَةِ. فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً. وَقَعَ اثْنَتَانِ. وَإِنْ قَالَ: إلَّا اثْنَتَيْنِ. وَقَعَ ثَلَاثٌ. وَإِنْ قَالَ: طَلْقَتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً. فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يَقَعُ طَلْقَةٌ. وَالثَّانِي، طَلْقَتَانِ؛ بِنَاءً عَلَى اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ، هَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا وَقَعَ ثَلَاثٌ. بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لِرَفْعِ بَعْضِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرْفَعَ جَمِيعُهُ.

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ خَمْسًا إلَّا ثَلَاثًا. وَقَعَ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إنْ عَادَ إلَى الْخَمْسِ، فَقَدْ اسْتَثْنَى الْأَكْثَرَ، وَإِنْ عَادَ إلَى الثَّلَاثِ الَّتِي يَمْلِكُهَا، فَقَدْ رَفَعَ جَمِيعَهَا. وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ. وَإِنْ قَالَ: خَمْسًا إلَّا طَلْقَةً. فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يَقَعُ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ كَأَنَّهُ نَطَقَ بِمَا عَدَا الْمُسْتَثْنَى، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا. وَالثَّانِي، يَقَعُ اثْنَتَانِ.

ذَكَرَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ إلَى مَا مَلَكَهُ مِنْ الطَّلْقَاتِ، وَهِيَ الثَّلَاثُ، وَمَا زَادَ عَلَيْهَا يَلْغُو، وَقَدْ اسْتَثْنَى وَاحِدَةً مِنْ الثَّلَاثِ، فَيَصِحُّ، وَيَقَعُ طَلْقَتَانِ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا إلَّا اثْنَتَيْنِ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَيَقَعُ اثْنَتَانِ، وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي، يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَيَقَعُ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ إلَى الثَّلَاثِ، فَيَكُونُ اسْتِثْنَاءَ الْأَكْثَرِ.

[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً]

(٥٩٠٨) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْفَعُ الْجُمْلَة الْأَخِيرَةَ بِكَمَالِهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَيْهَا، فَيَصِيرُ ذِكْرُهَا وَاسْتِثْنَاؤُهَا لَغْوًا، وَكُلُّ اسْتِثْنَاءٍ أَفْضَى تَصْحِيحُهُ إلَى الْغَايَةِ وَإِلْغَاءِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بَطَلَ، كَاسْتِثْنَاءِ الْجَمِيعِ، وَلِأَنَّ إلْغَاءَهُ وَحْدَهُ أَوْلَى مِنْ إلْغَائِهِ مَعَ إلْغَاءِ غَيْرِهِ، وَلِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَعُودُ إلَى الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، فَيَكُونُ اسْتِثْنَاءً لِلْجَمِيعِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي، يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَيَقَعُ طَلْقَتَانِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِالْوَاوِ يَجْعَلُ الْجُمْلَتَيْنِ كَالْجُمْلَةِ الْوَاحِدَةِ، فَيَصِيرُ مُسْتَثْنِيًا لَوَاحِدَةٍ مِنْ ثَلَاثٍ، وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا إلَّا خَمْسِينَ. صَحَّ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ.

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَاثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً. فَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي، يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، يُخَرَّجُ فِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ؛ بِنَاءً عَلَى اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَطَالِقٌ، إلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>