للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ اُجْتُمِعَ جَنَائِز فَتَشَاحَّ أَوْلِيَاؤُهُمْ فِي مِنْ يَتَقَدَّم لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ]

(١٥٥٦) فَصْلٌ: فَإِنْ اجْتَمَعَ جَنَائِزُ، فَتَشَاحَّ أَوْلِيَاؤُهُمْ فِي مَنْ يَتَقَدَّمُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ، قُدِّمَ أَوْلَاهُمْ بِالْإِمَامَةِ فِي الْفَرَائِضِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يُقَدَّمُ السَّابِقُ، يَعْنِي مَنْ سَبَقَ مَيِّتُهُ. وَلَنَا، أَنَّهُمْ تَسَاوَوْا فَأَشْبَهُوا الْأَوْلِيَاءَ إذَا تَسَاوَوْا فِي الدَّرَجَةِ، مَعَ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ» وَإِنْ أَرَادَ وَلِيُّ كُلِّ مَيِّتٍ إفْرَادَ مَيِّتِهِ بِصَلَاةٍ جَازَ.

[مَسْأَلَةٌ كَيْفِيَّة صَلَاة الْجِنَازَة]

(١٥٥٧) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ، يُكَبِّرُ، وَيَقْرَأُ الْحَمْدَ وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ سُنَّةَ التَّكْبِيرِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَرْبَعٌ، وَلَا تُسَنُّ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا، وَلَا يَجُوزُ النَّقْصُ مِنْهَا، فَيُكَبِّرُ الْأُولَى، ثُمَّ يَسْتَعِيذُ، وَيَقْرَأُ الْحَمْدَ، وَيَبْدَؤُهَا بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَلَا يُسَنُّ الِاسْتِفْتَاحُ. قَالَ أَبُو دَاوُد سَمِعْت أَحْمَدَ يُسْأَلُ عَنْ الرَّجُلِ يَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِسُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك؟ قَالَ: مَا سَمِعْت قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ كَانَ الثَّوْرِيُّ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُسْتَفْتَحَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَلَمْ نَجِدْهُ فِي كُتُبِ سَائِرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مِثْلُ قَوْلِ الثَّوْرِيِّ لِأَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ فِيهَا مَشْرُوعَةٌ فَسُنَّ فِيهَا الِاسْتِفْتَاحُ، كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ.

وَلَنَا، أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ شُرِعَ فِيهَا التَّخْفِيفُ، وَلِهَذَا لَا يُقْرَأُ فِيهَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ بِشَيْءٍ، وَلَيْسَ فِيهَا رُكُوعٌ وَلَا سُجُودٌ، وَالتَّعَوُّذُ سُنَّةٌ لِلْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا فِي الصَّلَاةِ، وَغَيْرِهَا؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: ٩٨] إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ وَاجِبَةٌ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ.

وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَقْرَأُ فِيهَا بِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُوَقِّتْ فِيهَا قَوْلًا وَلَا قِرَاءَةً. وَلِأَنَّ مَا لَا رُكُوعَ فِيهِ لَا قِرَاءَةَ فِيهِ، كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَلَنَا، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَقَالَ: إنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ. أَوْ: مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أُمِّ شَرِيكٍ قَالَتْ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَقْرَأَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» .

وَرَوَى الشَّافِعِيُّ، فِي " مُسْنَدِهِ " بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَبَّرَ عَلَى الْجِنَازَةِ أَرْبَعًا، وَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى ثُمَّ هُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ» وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ يَجِبُ فِيهَا الْقِيَامُ، فَوَجَبَتْ فِيهَا الْقِرَاءَةُ، كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَإِنْ صَحَّ مَا رَوَوْهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ فَإِنَّمَا قَالَ: لَمْ يُوَقِّتْ. أَيْ لَمْ يُقَدِّرْ.

وَلَا يَدُلُّ هَذَا عَلَى نَفْيِ أَصْلِ الْقِرَاءَةِ وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>