للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحْمَدَ أَنَّهَا إنْ عَلِمَتْ أَنَّهُ عَبْدٌ، فَلَهَا خُمْسَا الْمَهْرِ، وَإِذَا لَمْ تَعْلَمْ فَلَهَا الْمَهْرُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ. وَعَنْهُ أَنَّ الْوَاجِبَ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ يُوجِبُ الْمَهْرَ، فَأَوْجَبَ مَهْرَ الْمِثْلِ بِكَمَالِهِ، كَالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ، وَفِي سَائِرِ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ. وَوَجْهُ الْأُولَى مَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ خِلَاسٍ، أَنَّ غُلَامًا لِأَبِي مُوسَى تَزَوَّجَ بِمَوْلَاةِ تِيجَانَ التَّيْمِيِّ، بِغَيْرِ إذْنِ أَبِي مُوسَى، فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إلَى عُثْمَانَ، فَكَتَبَ إلَيْهِ عُثْمَانُ، أَنْ فَرِّقْ بَيْنَهُمَا، وَخُذْ لَهَا الْخُمْسَيْنِ مِنْ صَدَاقِهَا. وَكَانَ صَدَاقُهَا خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ.

وَلِأَنَّ الْمَهْرَ أَحَدُ مُوجِبِي الْوَطْءِ، فَجَازَ أَنْ يَنْقُصَ الْعَبْدُ فِيهِ عَنْ الْحُرِّ كَالْحَدِّ فِيهِ؛ أَوْ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فِي النِّكَاحِ، فَيَنْقُصَ الْعَبْدُ، كَعَدَدِ الْمَنْكُوحَاتِ.

الْفَصْلُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ يَجِبُ خُمْسَا الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ صَارَ فِيهِ إلَى قِصَّةِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَظَاهِرُهَا أَنَّهُ أَوْجَبَ خُمْسَيْ الْمُسَمَّى، وَلِهَذَا قَالَ: وَكَانَ صَدَاقُهَا خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ. وَلِأَنَّهُ لَوْ اعْتَبَرَ مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْجَبَ جَمِيعَهُ، كَسَائِرِ قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ، وَلَأَوْجَبَ الْقِيمَةَ، وَهِيَ الْأَثْمَانُ دُونَ الْأَبْعِرَةِ

وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَجِبُ خُمْسَا مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ جِنَايَةٍ، فَكَانَ الْمَرْجِعُ فِيهِ إلَى قِيمَةِ الْمَحَلِّ، كَسَائِرِ أُرُوشِ الْجِنَايَاتِ، وَقِيمَةُ الْمَحَلِّ مَهْرُ الْمِثْلِ.

[فَصْلُ الْوَاجِبُ مِنْ مَهْرِ الْعَبْدِ إنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ لَمْ تَلْزَمْ السَّيِّدَ الزِّيَادَةُ]

(٥٢٥٤) الْفَصْلُ الْخَامِسُ: أَنَّ الْوَاجِبَ إنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ، لَمْ تَلْزَمْ السَّيِّدَ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ مَا يُقَابِلُ قِيمَةَ الْعَبْدِ؛ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ الْعَبْدَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، فَإِذَا أَعْطَى الْقِيمَةَ فَقَدْ أَعْطَى مَا يُقَابِلُ الرَّقَبَةَ، فَلَمْ تَلْزَمْهُ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، لَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْهَا، وَالْخِيرَةُ فِي تَسْلِيمِ الْعَبْدِ وَفِدَائِهِ إلَى السَّيِّدِ. وَهَذَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ بِأَبْيَنَ مِنْ هَذَا.

[فَصْلٌ أَذِنَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ فِي تَزْوِيجِهِ فَنَكَحَ غَيْرَ ذَلِكَ]

(٥٢٥٥) فَصْلٌ: إذَا أَذِنَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ فِي تَزْوِيجِهِ بِمُعَيَّنَةٍ، أَوْ مِنْ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ مِنْ جِنْسٍ مُعَيَّنٍ، فَنَكَحَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَنِكَاحُهُ فَاسِدٌ، وَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي تَزْوِيجٍ صَحِيحٍ، فَنَكَحَ نِكَاحًا فَاسِدًا فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِيهِ. وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ، وَأَطْلَقَ، فَنَكَحَ نِكَاحًا فَاسِدًا، اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي النِّكَاحِ لَا يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ إذْنُهُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ بِإِطْلَاقِهِ يَتَنَاوَلُهُ. وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَحَصَلَتْ الْإِصَابَةُ فِيهِ، فَعَلَى سَيِّدِهِ جَمِيعُ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُ بِإِذْنِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَة تَزَوَّجَ الْأَمَةَ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَأَصَابَهَا وَوَلَدَتْ مِنْهُ]

[فَصْلُ النِّكَاحَ لَا يَفْسُدُ بِالْغُرُورِ]

(٥٢٥٦) ؛ قَالَ: وَإِذَا تَزَوَّجَ الْأَمَةَ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ، فَأَصَابَهَا، وَوَلَدَتْ مِنْهُ، فَالْوَلَدُ حُرٌّ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَفْدِيَهُمْ، وَالْمَهْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>