للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة أَوْجَبَ الْأُضْحِيَّة فَكَانَتْ نَاقِصَة]

(٧٨٧٤) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَلَوْ أَوْجَبَهَا نَاقِصَةً، ذَبَحَهَا، وَلَمْ تُجْزِئْهُ يَعْنِي إذَا كَانَتْ نَاقِصَةً نَقْصًا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فَأَوْجَبَهَا، وَجَبَ عَلَيْهِ ذَبْحُهَا؛ لِأَنَّ إيجَابَهَا كَالنَّذْرِ لِذَبْحِهَا، فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَلِأَنَّ إيجَابَهَا كَنَذْرِ هَدْيٍ مِنْ غَيْرِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا تَكُونُ أُضْحِيَّةً؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَرْبَعٌ لَا تُجْزِئُ فِي الْأَضَاحِيِّ) . وَلَكِنَّهُ يَذْبَحُهَا، وَيُثَابُ عَلَى مَا يَتَصَدَّقُ بِهِ مِنْهَا، كَمَا يُثَابُ عَلَى الصَّدَقَةِ بِمَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ هَدْيًا، وَكَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَنْ كَفَّارَتِهِ عَبْدًا لَا يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ، إلَّا أَنَّهُ هَاهُنَا لَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهَا؛ لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ فِي الْأَصْلِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يُوجِبُهَا. وَإِنْ كَانَتْ الْأُضْحِيَّةُ وَاجِبَةً عَلَيْهِ، مِثْلَ مَنْ نَذَرَ أُضْحِيَّةً فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ أَتْلَفَ أُضْحِيَّتَهُ الَّتِي أَوْجَبَهَا، لَمْ تُجْزِئْهُ هَذِهِ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ.

فَإِنْ زَالَ عَيْبُهَا، كَأَنْ كَانَتْ عَجْفَاءَ فَزَالَ عَجَفُهَا، أَوْ مَرِيضَةً فَبَرَأَتْ، أَوْ عَرْجَاءَ فَزَالَ عَرَجُهَا، فَقَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا تُجْزِئُ،. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: لَا تُجْزِئُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالِ إيجَابِهَا، وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِيهَا كَانَتْ لِلْمَسَاكِينِ، كَمَا أَنَّ نَقْصَهَا بَعْدَ إيجَابِهَا عَلَيْهِمْ لَا يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِهَا أُضْحِيَّةً. وَلَنَا، أَنَّ هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ يُجْزِئُ مِثْلُهَا، فَتُجْزِئُ، كَمَا لَوْ لَمْ يُوجِبْهَا إلَّا بَعْدَ زَوَالِ عَيْنِهَا.

[مَسْأَلَةٌ لَا تُبَاعُ أُضْحِيَّة الْمَيِّتِ فِي دَيْنِهِ]

(٧٨٧٥) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَلَا تُبَاعُ أُضْحِيَّةُ الْمَيِّتِ فِي دَيْنِهِ، وَيَأْكُلُهَا وَرَثَتُهُ يَعْنِي إذَا أَوْجَبَ أُضْحِيَّةً ثُمَّ مَاتَ، لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَيُشْبِهُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إنْ تَرَكَ دَيْنًا لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْهَا، بِيعَتْ فِيهِ. وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ تَشَاجَرَ الْوَرَثَةُ فِيهَا بَاعُوهَا. وَلَنَا، أَنَّهُ تَعَيَّنَ ذَبْحُهَا، فَلَمْ يَصِحَّ بَيْعُهَا فِي دَيْنِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ وَرَثَتَهُ يَقُومُونَ مَقَامَهُ فِي الْأَكْلِ وَالصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُومُونَ مَقَامَ مَوْرُوثِهِمْ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ.

[فَصْل هَلْ تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ عَنْ الْيَتِيمِ مِنْ مَالِهِ]

(٧٨٧٦) فَصْلٌ: وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ، هَلْ تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ عَنْ الْيَتِيمِ مِنْ مَالِهِ؟ فَرُوِيَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إخْرَاجُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَلَمْ يَجُزْ، كَالصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَرُوِيَ أَنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ إذَا كَانَ مُوسِرًا. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ. قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ لَهُ ثَلَاثُونَ دِينَارًا، يُضَحِّي عَنْهُ بِالشَّاةِ، بِنِصْفِ دِينَارٍ؛ لِأَنَّهُ إخْرَاجُ مَالٍ يَتَعَلَّقُ بِيَوْمِ الْعِيدِ، فَجَازَ إخْرَاجُهُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ. فَعَلَى هَذَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>