أَجْنَبِيٌّ فَأَعْتَقَهُ.
وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَلَاءَ الْمُكَاتِب، فَلِمَكَاتِبِهِ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ
وَقَالَ مَكْحُولٌ: أَمَّا الْمُكَاتَبُ إذَا اشْتَرَطَ وَلَاءَهُ مَعَ رَقَبَتِهِ، فَجَائِزٌ. وَلَنَا، أَنَّ السَّيِّدَ هُوَ الْمُعْتِقُ لِلْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُهُ بِمَالِهِ، وَمَالُهُ وَكَسْبُهُ لِسَيِّدِهِ، فَجَعَلَ ذَلِكَ لَهُ، ثُمَّ بَاعَهُ بِهِ حَتَّى عَتَقَ، فَكَانَ هُوَ الْمُعْتِقُ، وَهُوَ الْمُعْتِقُ لِلْمُدَبَّرِ بِلَا إشْكَالٍ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» . وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُكَاتَبَيْنِ يُدْعَوْنَ مَوَالِيَ مُكَاتَبِيهِمْ، فَيُقَالُ: أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدَ، وَسِيرِينُ مَوْلَى أَنَسٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى مَيْمُونَةَ، وَقَدْ وَهَبَتْ وَلَاءَهُ لِابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَانُوا مُكَاتَبِينَ، وَكَذَلِكَ أَشْبَاهُهُمْ
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ فِي حَدِيثِ بَرِيرَةَ، «أَنَّهَا جَاءَتْ عَائِشَةَ فَقَالَتْ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إنِّي كَاتَبْت أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فَأَعِينِينِي فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إنْ شَاءُوا عَدَدْت لَهُمْ عِدَّةً وَاحِدَةً وَيَكُونُ وَلَاؤُك لِي فَعَلْت. فَأَبَوْا أَنْ يَبِيعُوهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اشْتَرِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ» . وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَلَاءَ كَانَ لَهُمْ لَوْ لَمْ تَشْتَرِهَا مِنْهُمْ عَائِشَةُ.
[فَصْلٌ اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِعِوَضِ حَالٍ]
(٥٠٠٦) فَصْلٌ: وَإِنْ اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِعِوَضٍ حَالٍّ، عَتَقَ وَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ يَبِيعُ مَالَهُ بِمَالِهِ، فَهُوَ مِثْلُ الْمُكَاتَبِ سَوَاءٌ، وَالسَّيِّدُ هُوَ الْمُعْتِقُ لَهُمَا فَالْوَلَاءُ لَهُ عَلَيْهِمَا.
[مَسْأَلَةٌ وَلَاءُ أُمِّ الْوَلَدِ]
(٥٠٠٧) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَوَلَاءُ أُمِّ الْوَلَدِ لِسَيِّدِهَا إذَا مَاتَتْ) يَعْنِي إذَا عَتَقَتْ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا، فَوَلَاؤُهَا لَهُ يَرِثُهَا أَقْرَبُ عَصَبَتِهِ. وَهَذَا قَوْلُ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ. وَبِهِ قَالَ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ تَعْتِقُ مِنْ نَصِيبِ ابْنِهَا، فَيَكُونُ وَلَاؤُهَا لَهُ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُهُ. وَعَنْ عَلِيٍّ لَا تَعْتِقُ مَا لَمْ يَعْتِقْهَا وَلَهُ بَيْعُهَا. وَبِهِ قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَهْلُ الظَّاهِرِ
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسِ نَحْوُهُ وَلِذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى عِتْقِهَا مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْقَائِلِينَ بِعِتْقِهَا أَنَّ وَلَاءَهَا لِمَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ. وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّهَا تُعْتَقُ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، فَيَكُونُ وَلَاؤُهَا لَهُ؛ لِأَنَّهَا عَتَقَتْ بِفِعْلِهِ مِنْ مَالِهِ، فَكَانَ وَلَاؤُهَا لَهُ، كَمَا لَوْ عَتَقَتْ بِقَوْلِهِ. وَيَخْتَصُّ مِيرَاثُهَا بِالْوَلَاءِ بِالذُّكُورِ مِنْ عَصَبَةِ السَّيِّدِ، كَالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ.
[مَسْأَلَةٌ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ رَجُلٍ حَيٍّ بِلَا أَمْرِهِ]
مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ رَجُلٍ حَيٍّ بِلَا أَمْرِهِ، أَوْ عَنْ مَيِّتٍ، فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ) هَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَدَاوُد وَرُوِيَ عَنْ