إلَى عَبْدِي هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ، يَخَافُ مِنِّي، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ.
وَقَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ: إذَا كَانَ الرَّجُلُ بِأَرْضٍ فِي (١) فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، صَلَّى خَلْفَهُ مَلَكَانِ، فَإِنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ صَلَّى خَلْفَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مَا لَا يُرَى قُطْرَاهُ (٢) يَرْكَعُونَ بِرُكُوعِهِ، وَيَسْجُدُونَ بِسُجُودِهِ، وَيُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَائِهِ. وَكَذَلِكَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى خَلْفَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَمْثَالُ الْجِبَالِ.
[فَصْلٌ مَنْ دَخَلَ مَسْجِدًا قَدْ صُلِّيَ فِيهِ]
(٥٨١) فَصْلٌ: وَمَنْ دَخَلَ مَسْجِدًا قَدْ صُلِّيَ فِيهِ، فَإِنْ شَاءَ أَذَّنَ وَأَقَامَ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ؛ لِمَا رَوَى الْأَثْرَمُ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ دَخَلَ مَسْجِدًا قَدْ صَلَّوْا فِيهِ، فَأَمَرَ رَجُلًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، فَصَلَّى بِهِمْ فِي جَمَاعَةٍ. وَإِنْ شَاءَ صَلَّى مِنْ غَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ؛ فَإِنَّ عُرْوَةَ قَالَ: إذَا انْتَهَيْت إلَى مَسْجِدٍ قَدْ صَلَّى فِيهِ نَاسٌ أَذَّنُوا وَأَقَامُوا، فَإِنَّ أَذَانَهُمْ وَإِقَامَتَهُمْ تُجْزِئُ عَمَّنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ. وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، إلَّا أَنَّ الْحَسَنَ، قَالَ: كَانَ أَحَبُّ إلَيْهِمْ أَنْ يُقِيمَ. وَإِذَا أَذَّنَ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُخْفِيَ ذَلِكَ وَلَا يَجْهَرَ بِهِ؛ لِيَغُرَّ النَّاسَ بِالْأَذَانِ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ.
[فَصْلٌ لَيس عَلَى النِّسَاءِ أَذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ]
(٥٨٢) فَصْلٌ: وَلَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ أَذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسٌ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَهَلْ يُسَنُّ لَهُنَّ ذَلِكَ؟ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ قَالَ: إنْ فَعَلْنَ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْنَ فَجَائِزٌ. وَقَالَ الْقَاضِي: هَلْ يُسْتَحَبُّ لَهَا الْإِقَامَةُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَعَنْ جَابِرٍ: أَنَّهَا تُقِيمُ. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إنْ أَذَّنَّ وَأَقَمْنَ فَلَا بَأْسَ. وَعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ تُؤَذِّنُ وَتُقِيمُ. وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذِنَ لَهَا أَنْ يُؤَذَّنَ لَهَا وَيُقَامَ، وَتَؤُمَّ نِسَاءَ أَهْلِ دَارِهَا» . وَقِيلَ: إنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَرْوِيهِ الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَرَوَى النَّجَّادُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، قَالَتْ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ أَذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ» . وَلِأَنَّ الْأَذَانَ فِي الْأَصْلِ لِلْإِعْلَامِ، وَلَا يُشْرَعُ لَهَا ذَلِكَ، وَالْأَذَانُ يُشْرَعُ لَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ، وَلَا يُشْرَعُ لَهَا رَفْعُ الصَّوْتِ، وَمَنْ لَا يُشْرَعُ فِي حَقِّهِ الْأَذَانُ لَا يُشْرَعُ فِي حَقِّهِ الْإِقَامَةُ، كَغَيْرِ الْمُصَلِّي، وَكَمَنْ أَدْرَكَ بَعْضَ الْجَمَاعَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute