وَتَوَقَّفَ عَنْهُ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَبَنٌ مِمَّنْ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْوِلَادَةِ، فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ التَّحْرِيمُ. كَلَبَنِ الرَّجُلِ.
وَلَنَا، أَنَّهُ وُجِدَ الِارْتِضَاعُ، عَلَى وَجْهٍ يُنْبِتُ اللَّحْمَ وَيُنْشِزُ الْعَظْمَ مِنْ امْرَأَةٍ، فَأَثْبَتِ التَّحْرِيمَ، كَمَا لَوْ كَانَتْ حَيَّةً؛ وَلِأَنَّهُ لَا فَارِقَ بَيْنَ شُرْبِهِ فِي حَيَاتِهَا وَمَوْتِهَا إلَّا الْحَيَاةُ وَالْمَوْتُ أَوْ النَّجَاسَةُ، وَهَذَا لَا أَثَرَ لَهُ، فَإِنَّ اللَّبَنَ لَا يَمُوتُ، وَالنَّجَاسَةُ لَا تَمْنَعُ، كَمَا لَوْ حُلِبَ فِي وِعَاءٍ نَجِسٍ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ حُلِبَ مِنْهَا فِي حَيَاتِهَا، فَشَرِبَهُ بَعْدَ مَوْتِهَا، لَنَشَرَ الْحُرْمَةَ، وَبَقَاؤُهُ فِي ثَدْيِهَا لَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ ثَدْيَهَا لَا يَزِيدُ عَلَى الْإِنَاءِ فِي عَدَمِ الْحَيَاةِ، وَهِيَ لَا تَزِيدُ عَلَى عَظْمِ الْمَيْتَةِ فِي ثُبُوتِ النَّجَاسَةِ. (٦٤٢٠)
فَصْلٌ: وَلَوْ حَلَبَتْ الْمَرْأَةُ لَبَنهَا فِي إنَاءٍ، ثُمَّ مَاتَتْ، فَشَرِبَهُ صَبِيٌّ، نَشَرَ الْحُرْمَةَ. فِي قَوْلِ كُلِّ مَنْ جَعَلَ الْوَجُورَ مُحَرِّمًا. وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَغَيْرُهُمْ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَبَنُ امْرَأَةٍ فِي حَيَاتِهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ شَرِبَهُ وَهِيَ فِي الْحَيَاةِ.
[مَسْأَلَةٌ حَلَبَتْ مِمَّنْ يَلْحَقُ نَسَبُ وَلَدِهَا بِهِ فَثَابَ لَهَا لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا]
(٦٤٢١) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا حَلَبَتْ مِمَّنْ يَلْحَقُ نَسَبُ وَلَدِهَا بِهِ، فَثَابَ لَهَا لَبَنٌ، فَأَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ، فِي حَوْلَيْنِ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِ، وَبَنَاتُهَا مِنْ أَبِي هَذَا الْحَمْلِ، وَمِنْ غَيْرِهِ، وَبَنَاتُ أَبِي هَذَا الْحَمْلِ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا. وَإِنْ أَرْضَعَتْ صَبِيَّةً، فَقَدْ صَارَتْ ابْنَةً لَهَا وَلِزَوْجِهَا؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ مِنْ الْحَمْلِ الَّذِي هُوَ مِنْهُ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا حَمَلَتْ مِنْ رَجُلٍ وَثَابَ لَهَا لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا رَضَاعًا مُحَرِّمًا، صَارَ الطِّفْلُ الْمُرْتَضِعُ ابْنًا لِلْمُرْضِعَةِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَصَارَ أَيْضًا ابْنًا لِمَنْ يُنْسَبُ الْحَمْلُ إلَيْهِ، فَصَارَ فِي التَّحْرِيمِ وَإِبَاحَةِ الْخَلْوَةِ ابْنًا لَهُمَا، وَأَوْلَادُهُ مِنْ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ أَوْلَادَ أَوْلَادِهِمَا، وَإِنْ نَزَلَتْ دَرَجَتُهُمْ، وَجَمِيعُ أَوْلَادِ الْمُرْضِعَةِ مِنْ زَوْجِهَا وَمِنْ غَيْرِهِ، وَجَمِيعُ أَوْلَادِ الرَّجُلِ الَّذِي انْتَسَبَ الْحَمْلُ إلَيْهِ مِنْ الْمُرْضِعَةِ وَمِنْ غَيْرِهَا، إخْوَةَ الْمُرْتَضِعِ، وَأَخَوَاتِهِ، وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهَا أَوْلَادَ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ، وَإِنْ نَزَلَتْ دَرَجَتُهُمْ، وَأُمُّ الْمُرْضِعَةِ جَدَّتَهُ وَأَبُوهَا جَدَّهُ، وَإِخْوَتُهَا أَخْوَالَهُ، وَأَخَوَاتُهَا خَالَاتِهِ، وَأَبُو الرَّجُلِ جَدَّهُ، وَأُمُّهُ جَدَّتَهُ، وَإِخْوَتُهُ أَعْمَامَهُ، وَأَخَوَاتُهُ عَمَّاتُهُ، وَجَمِيعُ أَقَارِبِهِمَا يَنْتَسِبُونَ إلَى الْمُرْتَضِعِ كَمَا يَنْتَسِبُونَ إلَى وَلَدِهِمَا مِنْ النَّسَبِ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ الَّذِي ثَابَ لِلْمَرْأَةِ مَخْلُوقٌ مِنْ مَاءِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، فَنَشَرَ التَّحْرِيمَ إلَيْهِمَا، وَنَشَرَ الْحُرْمَةَ إلَى الرَّجُلِ وَإِلَى أَقَارِبِهِ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى لَبَنَ الْفَحْلِ.
وَفِي التَّحْرِيمِ بِهِ اخْتِلَافٌ، ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ مَا يَحْرُمُ نِكَاحُهُ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ، وَالْحُجَّةُ الْقَاطِعَةُ فِيهِ، مَا رَوَتْ عَائِشَةُ «، أَنَّ أَفْلَحَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute