[بَاب زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]
ِ وَهِيَ وَاجِبَةٌ بِالْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَالْإِجْمَاعِ زَكَاةِ. أَمَّا الْكِتَابُ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: ٣٤] . وَالْآيَةُ الْأُخْرَى. وَلَا يُتَوَعَّدُ بِهَذِهِ الْعُقُوبَةِ إلَّا عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ
وَأَمَّا السُّنَّةُ، فَمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إلَّا إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحَ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبْهَتُهُ وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ عَلَيْهِ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ بَيْنَ الْعِبَادِ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ، فِي كِتَابِ أَنَسٍ: «وَفِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا تِسْعِينَ وَمِائَةً، فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ، إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا» . وَالرِّقَةُ: هِيَ الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ. وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، وَعَلَى أَنَّ الذَّهَبَ إذَا كَانَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا، وَقِيمَتُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ، أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبْ فِيهِ، إلَّا مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ الْحَسَنِ.
[مَسْأَلَةُ نِصَابَ الْفِضَّةِ]
(١٨٧٨) مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: (وَلَا زَكَاةَ فِيمَا دُونَ الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مِلْكِهِ ذَهَبٌ أَوْ عُرُوضٌ لِلتِّجَارَةِ، فَيُتِمُّ بِهِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ نِصَابَ الْفِضَّةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ، لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ بَيَّنَتْهُ السُّنَّةُ الَّتِي رَوَيْنَاهَا بِحَمْدِ اللَّهِ، وَالدَّرَاهِمُ الَّتِي يُعْتَبَرُ بِهَا النِّصَابُ هِيَ الدَّرَاهِمُ الَّتِي كُلُّ عَشَرَةٍ مِنْهَا وَزْنُ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ بِمِثْقَالِ الذَّهَبِ، وَكُلُّ دِرْهَمٍ نِصْفُ مِثْقَالٍ وَخُمْسُهُ، وَهِيَ الدَّرَاهِمُ الْإِسْلَامِيَّةُ الَّتِي تُقَدَّرُ بِهَا نُصُبُ الزَّكَاةِ، وَمِقْدَارُ الْجِزْيَةِ، وَالدِّيَاتُ، وَنِصَابُ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.
وَكَانَتْ الدَّرَاهِمُ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ صِنْفَيْنِ، سُودًا، وَطَبَرِيَّةً، وَكَانَتْ السُّودُ ثَمَانِيَةَ دَوَانِيقَ، وَالطَّبَرِيَّةُ أَرْبَعَةَ دَوَانِيقَ، فَجُمِعَا فِي الْإِسْلَامِ، وَجُعِلَا دِرْهَمَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ، فِي كُلِّ دِرْهَمٍ سِتَّةُ دَوَانِيقَ، فَعَلَ ذَلِكَ بَنُو أُمَيَّةَ، فَاجْتَمَعَتْ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute